للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ قَبَضَ المُشْتَرِي المَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا بِرِضَا بَائِعِهِ صَرِيحًا أوْ دَلَالَةً، كَقَبْضِهِ في مَجْلِس عَقْدِهِ، -وَكُلٌّ مِنْ عِوَضَيْهِ مَالٌ، مَلَكَهُ- وَلَزِمَهُ مِثْلُهُ حَقِيقَةً أوْ مَعْنَى. فإنْ كَانَ الفَسَادُ بِشَرْطٍ زَائِدٍ،

===

مشايخ العراق. وقال غيرهم: إن العقد انعقد موقوفاً، وبالإسقاط تبيّن أنّه كان جائزاً، وهو الصحيح، لأنّ فساد العقد باعتبار إفضائه إلى المنازعة، وقبل مجيء الأجل لا منازعة.

(وإنْ قَبَضَ المُشْتَرِي المَبِيعَ بَيْعاً فَاسِداً) وكان قبضه (بِرَضَا بَائِعِهِ صَرِيحاً) أي رضاً صريحاً كَاقْبِضْهُ أو خُذْهُ أو تَسَلَّمْهُ، وهذا قبل الافتراق أو بعده (أوْ دَلَالَةً) قبل الافتراق (كَقَبْضِهِ) بحضرة البائع (في مَجْلِس عَقْدِهِ وَكُلٌّ مِنْ عِوَضَيْهِ) أي البيع (مَالٌ) ـ جملة حالية ـ (مَلَكَهُ) أي المشتري المبيع ملكاً خبيثاً بالقيمة. وقال مالك والشّافعيّ وأحمد: لا يملكه لأنّ البيع الفاسد محظورٌ لكونه منهياً عنه، والنهيَّ يقتضي التَّحريم، والملك نعمة لكونه ذريعةً إلى قضاء المآرب ووسيلةً إلى درك المطالب، والنعمة لا تُنَاط بالمحظور لاشتراط الملاءمة بين المناط والمُناط به.

ولنا: إنّ ملزوم الملك وهو البيع تحقّق، فيتحقّق الملك لأنّ البيع الفاسد بيعٌ حقيقةً لصدور ركنهِ وهو مبادلة المال بالمال بالتَّراضي من أهله، فإنّ أهل الشيء مَنْ يكون قادراً عليه لتندفع به حاجته، مضافاً إلى محل قابلٍ لحكمه إذ الكلام فيه، فيترتب حكمه وهو الملك، ونعمة الملك ما انيطت بالمحظور بل بالبيع، وهو غير محظور، إنّما المحظور ما يتصل به من الشرط الفاسد ونحوه كما في البيع وقت النِّداء، فإنّ النّهي ورد فيه لمعنى غير البيع، وهو الاشتغال عن السَّعْي بسبب البيع.

(والاشتغال عن السعي غير البيع) (١) ، وإنّما شرط أنْ يكون كل من عِوَضَيْهِ مالاً ليثبت ركن البيع، وهو مبادلة المال بالمال. ويشترط أيضاً أن لا يكون للبائع خِيار الشَّرط، لأن شرط الخِيار يمنع الملك في البيع الجائز، ففي الفاسد أولى. وإنّما لم يحِلّ وطاء الجارية، ولا أكل الطَّعام لأنّ في كل منهما إعراضاً عمّا هو واجب عليه، وهو الرّدّ.

(وَلَزِمَهُ) أي المشتري (مِثْلُهُ حَقِيقَةً) أي صورةً (أوْ مَعْنًى) وهو قيمته يوم القبض، لأنه به يدخل في ضمانه. وعند محمد: يوم التلف، لأنّه به يتقرَّر عليه. وإنّما لزم المشتري مثلُه لأنّه مضمونٌ بالقبض كالغصب، والمثل صورةً ومعنى لا يكون إلاّ فيما هو من ذوات الأمثال، وهو أعدل من المِثْل معنًى، فلا يُصَار إليه مع إمكان الأوَّل.

(فإنْ كَانَ الفَسَادُ) لجهالة الأجل أو (بِشَرْطٍ زَائِدٍ) فيه نفعٌ لأحد العاقدين،


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>