للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلِمَنْ لَهُ الشَّرْطُ فَسْخُهُ، وإلَّا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا.

فَإِنْ خَرَجَ مِنْ مِلْكِ المُشْتَرِي، أوْ بَنَى فِيهِ، فَلَا فَسْخَ، وَطَابَ لِلْبَائِعِ رِبْحُ ثَمَنِهِ بَعْدَ التَّقَابُضِ، وَلَا لِلْمُشْتَرِي رِبْحُ مَبِيعِهِ فَيَتَصَّدقُ بِهِ.

===

وكانت العين باقيةً (فَلِمَنْ لَهُ الشَّرْطُ) وهو المنتفع به (فَسْخُهُ) بحضرة صاحبه لأنّ منفعة الشّرط لمّا كانت عائدةً إليه، كان الفسخ له دون الآخر، لأن في فسخ الآخر إبطال حقّ من له منفعة الشَّرط، وهو تصحيح العقد بإبطال ذلك الشَّرط، وهذا عند محمد. وقالا: لكلّ واحدٍ من المتعاقدين الفسخ لأنّه حقّ الشّرع، فانتفى اللّزوم عن العقد.

(وإلاَّ) أي وإن لم يكن الفساد لشرطٍ زائدٍ بل كان في صلب العقد: بأن كان في أحد العِوَضَيْنِ كما لو باع درهمين بدرهم أو ثوباً بخمرٍ (فَلِكُلّ مِنْهُمَا) أي من العاقدين فسخه بعد القبض، لأنّ إعدام الفساد واجبٌ حقاً للشّرع، وقبل القبض لكن بمْحضَرٍ من الآخر، لأنّ البيع الفاسد قبل القبض لمّا لم يُفِد الملك كان فسخه أمتناعاً عن القبض، وإنّما توقّف على حضور الآخر لأنه إلزام موجب الفسخ، فلا يلزمه إلاّ بعلمه.

(فَإِنْ خَرَجَ) المبيع بيعاً فاسداً (مِنْ مِلْكِ المُشْتَرِي) ببيعٍ صحيحٍ، أو بهبةٍ وتسليمٍ، أو بعتقٍ (أوْ بَنَى) المشتري (فِيهِ) أو غرس، أو اتخذه مسجداً (فَلَا فَسْخَ) لأنّ المشتري ملك المبيع بالقبض فينفذ تصرّفه فيه، وينقطع حقّ البائع من الاسترداد، سواء كان تصرّفاً لا يحتمل النقض كالإعتاق، أو يحتمله كالبيع، لأنّ بهذه التصرّفات تعلّق حقّ العبد، وبالبيع الفاسد تعلّق حقّ الشّرع وهو الفسخ، فيغلب حقّ العبد ـ لحاجته ـ على حقّ الشّرع لغناه.

قيدّ الخروج بكونه من الملك، لأنّ المشتري لو أجّر المبيعِ، أو أنكحه لم ينقطع حقّ الفسخ، لأنّ النِّكاح لا يمنع فسخ البيع، فَيُفْسَخُ وتُرَدّ الأمة على البائع، والنِّكاح على حاله. والإجارة تفسخ بالأعذار، ودفعُ الفساد عذرٌ. وقال مالك والشّافعيّ وأحمد: لا ينقطع حقّ الفسخ بشيءٍ من ذلك. وقال أبو يوسف ومحمد: لا ينقطع بالبناء والغرس بل ينقض ويردّ المبيع على صاحبه.

(وَطَابَ لِلْبَائِعِ ربْحُ ثَمَنِهِ) أي ثمن المبيع بيعاً فاسداً إذا كان دراهم أَوْ دنانير (بَعْدَ التَّقَابُضِ) ـ متعلّقٌ بربح ـ (وَلَا لِلْمُشْتَرِي) أي ولا يطيب للمشتري (رِبْحُ مَبِيعِهِ) أي مبيعِ البيع الفاسد بعدالتَّقابض (فَيَتَصَّدقُ) المشتري (بِهِ) أي بربحه، حتّى لو اشترى أمةً شراءً فاسداً بألِفِ درهمٍ وتقابضا وربح كلّ واحدٍ منهما فيما قبض، طاب

<<  <  ج: ص:  >  >>