للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَو تَعَدَّى فَلَبِسَ، أَوْ رَكِبَ، أَوْ حَفِظ الوَدِيْعَةَ في دَارٍ أُمِرَ بِهِ في غَيْرِهَا، أَو جَهَّلَهَا عِنْدَ المَوْتِ، ضَمِنَ، وِإنْ أَزَالَ التَّعَدِّي زَالَ ضَمَانُهُ.

وإِن اختلطت بِلَا فِعْلِهِ اشْتَرَكَا، ولا يَدْفَعُ إِلى أَحَدِ المودِعينَ قِسْطَهُ بِغَيْبَةِ الآخَرِ، ولأحَدِ المودِعين دَفْعُهَا إِلى آخر فيما لا يُقْسَم،

===

يتيسر تميزها، كما لو خلط الدراهم البيض بالسود، والدراهم بالدنانير، والجوز باللوز، لم ينقطع حَقُّ المالك بالاتفاق، لتمكنه من الوصول إِلى عين ملكه بالإِخراج.

(أَوْ تَعَدَّى فَلَبِسَ) الثوب المودَع (أَوْ رَكِبَ) الدابة المودَعة (أَوْ حَفِظ الوَدِيْعَةَ في دَارٍ أُمِرَ بِهِ) أَي بالحفظ (في غَيْرِهَا، أَوْ جَهَّلَهَا) ـ بتشديد الهاء الأُولى ـ أَي لم يبين أَنها وديعةٌ (عِنْدَ المَوْتِ ضَمِنَ) مثلها لو مثليَّةً، وقيمتها لو قيميَّةً. هذا (١) جواب الشرط الذي هو: «فإِن حَبَسَهَا» وما عطف عليه، وخَيَّرَاهُ بين المشاركة والتضمين.

(وإِنْ أَزَالَ) المودَع (التَّعَدِّي) بأَن ترك لبس ثوبِ الوديعة، أَوْ ركوب دابَّتها (زَالَ ضَمَانُهُ). وقال الشافعي: لا يزول، وبه قال مالك في روايةٍ، وأَحمد، (وإِن اختلطت) الوديعة بِمَال المودَع (بِلَا فِعْلِهِ) كما لو انشق الكيس في صندوقه فاختلطت بِدَرَاهِمِه (اشْتَرَكَا) بِقَدْر ملكهما، ولا يضمن المودَع لعدم الصنع منه. وهذه شركة أَملاك حتى لو هلك بعضها هلك من مالهما، ويُقْسَمُ الباقي بينهما على قَدْر ما كان لِكُلَ منهما.

(ولا يَدْفَعُ) المودَع (إِلى أَحَدِ المودِعينَ قِسْطَهُ) من الوديعة (بِغَيْبَةِ الآخَرِ) ولو دفعه بغيبته يضمن، وهذا عند أَبي حنيفة، وهو مَرْوِيٌّ عن عليَ رضي الله عنه، وفيه حكِاية (وهي) (٢) : أَنْ رَجُلَيْن دَخَلا حَمَّاماً وأَوْدَعَا عِنْدَ الحَمَامي أَلْفَاً، فخرج أَحدُهُمَا وطلبها منه وأَعطاه إِيَّاهَا وذهب، ثُم خرج الآخَر فطالبه بها، فتحير الحمامي، فذهب إِلى أَبي حنيفة رحمه الله تعالى فقال له أَبو حنيفة رحمه الله تعالى: قل له: كلاكما أَوْدَعتماني، فلا أُعْطِيك حتى يحضرَ صاحبُك، فانقطع الرجل وترك الحمامي.

وقال أَبو يوسف ومحمد ومالك والشافعي رحمهم الله تعالى: يدفع إِليه قِسْطه ولا يضمن، سواء كان من ذوات الأَمثال، أَوْ من ذوات القِيَم عِنْدَ بعض المشايخ، والصحيح أَنْ الاختلاف فيما هو من ذوات الأَمثال، وفيما عداه، كالثياب والدواب والعبيد ليس للحاضر أَنْ يأَخذ نصيبه بالاتفاق.

(ولأحَدِ المودِعين دَفْعُهَا إِلى آخر فيما لا يُقْسَم) كالعبد والثوب والحيوان، لأَن


(١) أَي كلمة "ضَمِن" في المتن.
(٢) في المطبوعة، روى، وما أَثبتناه من المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>