وإِنْ سَوَّدَ ضَمَّنَهُ أَبْيَضَ، أَو أَخَذَهُ، ولا شيءَ لِلْغَاصِب.
وإِنْ بَاعَ أَو أَعْتَقَ ثُمَّ ضَمِنَ، نَفَذَ البَيْعُ لا العِتْقُ.
===
ويضمِّنه نقصان الثوب إِنْ انتقص بذلك، لأَنه متعد في الصبغ، والتمييز ممكن، بخلاف السمن في السويق لتعذر التمييز.
ولنا أَنْ الصبغ مالٌ متقوَّم، كالثوب. وغَصْب الغاصب لا يسقِطُ حرمة ماله، فيجب صيانة مالهما ما أَمكن، وذا بإِيصال معنى مال أَحدهما إِليه وإِبقاء حقِّ الآخر في عين ماله كما قلنا. والجواب في اللَّتِّ كالجواب في الصبغ، إِلاَّ أَنْ السويق والسمن مِنْ ذوات الأَمثال، والثوب والصَّبْغ من ذوات القِيَم. ولو كان الثوب ينقص بالحُمْرة: كأَنْ كانت قيمته بدونها ثلاثينَ دِرْهماً، فصارت بها عشرين، فعن محمد ينظر إِلى ثوب تزيد فيه الحمرة، فإِن كانت الزيادة خمسة يأخذ رَبُّ الثوب ثوبه وخمسة دراهِمَ من الغاصب، لأَن صاحب الثوب استوجب عليه نقصان قيمة ثوبه عشرة دراهمَ، واستوجب عليه الغاصب قيمة صبغه خمسة، فالخمسة قِصَاص، ويرجع عليه بما بقي، وهي خمسة.
(وإِنْ سَوَّدَ) الغاصب الثوب (ضَمَّنَهُ) المالكُ قيمة ثوب (أَبْيَضَ، أَوْ أَخَذَهُ، ولا شيءَ لِلْغَاصِب) في مقابلة الصباغة عند أَبي حنيفة، وعندهما التسويد كالتحمير. وهذا الخلاف مبنيٌّ على أَنْ السواد عنده نقصانٌ، وعندهما زيادةٌ. وقيل: هذا اختلاف زمان، فأَبو حنيفة أَجاب على ما شاهد في عصره من عادة بني أُمية، وهي عدم لُبس السواد، وهما أَجابا على ما شاهدا في عصرهما من عادة بني العباس، وهي لُبس السواد. وقيل إِنْ كان المغصوب ثوباً ينقص السواد من قيمته، فالجواب ما قاله أَبو حنيفة، وإِن كان يزيد السواد في قيمته فالجواب ما قالا. وهذا تفصيلٌ حسنٌ لا ينبغي العدول عنه.
(وإِنْ بَاعَ) الغاصب (أَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ ضَمِنَ) القيمة (نَفَذَ البَيْعُ لا العِتْقُ) وبه قال أَحمد في رواية، لأَن الملك الناقص لا يكفي لثبوت العتق، ويكفي لنفاذ البيع. وقال مالك والشافعي وأَحمد ـ في رواية ـ: لا ينفذ بَيعُه، ولأَن عتقه كتصرفات الفضولي، وإِعتاق المشتري من غاصبٍ عبداً نافذٌ عند أَبي حنيفة وأَبي يوسف بإِجازة المالك بيع الغاصب، هكذا يرويه محمد عن أَبي يوسف عن أَبي حنيفة كما ذكره قاضيخان في شرحه.
وقال أَبو سليمان: وكذا سمعنا من أَبي يوسف رواية عن أَبي حنيفة رحمه الله تعالى: أَنه لا ينفذ عِتْقُه. ووجه الاستحسان أَنَّ هذا بيعُ فضولي، فيكون موقوفاً، فبإِجازته