للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وزَوَائِدُ الغَصْبِ مُتَّصِلَةً أَو مُنْفَصِلَةً، لا تُضْمَنُ إِنْ هَلَكَتْ إِلَّا بالتَّعَدِّي أَو المَنْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ. وخَمْرُ المِسْلِمِ وخِنْزِيْرُهُ، وَمَنَافِعُ الغَصْبِ لا تُضْمَنُ،

===

ينفذ من حين العتق، فينفذ إِعتاقه لمصادفة (١) ملكه. وكذا بتضمينه قيمته في رواية. وخالفنا زفر وأَبطل محمد إِعتاق المشتري كمالك والشافعي، وهو القياس، لأَن هذا عتقٌ تَرَتَّبَ على عِتْقٍ تَوَقَّفَ نفوذُهُ لحق المالك، فلا ينفذ بنفوذ العقد، كما لو حرره الغاصب وضمنه.

(وزَوَائِدُ الغَصْبِ) أَي المغصوب حال كونها (مُتَّصِلَةً) كالسمن والجمال (أَوْ مُنْفَصِلَةً) كالولد وثَمَر البستان أَمانةٌ في يد الغاصب (لا تُضْمَنُ إِنْ هَلَكَتْ، إِلاَّ بالتَّعَدِّي) أَي بتعدِّي الغاصب: بإِتلافه، أَوْ بِذَبْحِه، أَوْ أَكْله، أَوْ بَيْعِه وتسليمه (أَوْ المَنْعِ) أَي منع الغاصب (بَعْدَ الطَّلَبِ) أَي طلب المالك، وبه قال مالك. وقال الشافعيُّ وأَحمد: زوائد المغصوب مضمونة.

(وخَمْرُ المُسْلِمِ) مبتدأ (وخِنْزِيْرُهُ) عطف، سواء كان المُتْلِف مسلماً أَوْ ذِمِّياً لا يضمنان، لأَنهما ليسا بمتقوَّمَيْن في حق المسلم. قيد «بالمسلم» لأَن خمر الذِّمِي أَوْ خنزيره يضمن، وهو قول مالك، سواء كان المتلِف ذمياً أَوْ مسلماً إِلاَّ أَنْ المسلم لا يضمن الخمر بمثلها، لأَنه لا يملك تمليكها، بل بقيمتها. وقال الشافعي وأَحمد: لا يضمن خمر الذمي ولا خنزيره سواء كان المتلِف مسلماً أَوْ ذمياً.

(وَمَنَافِعُ الغَصْبِ) أَي المغصوب، عطف آخر (لا تُضْمَنُ) خبر المبتدأ، والمعنى لا تكون منافعه مضمونةً عندنا، سواء كان استوفاها بالسُّكْنى والركوب مثلاً، أَوْ عَطَّلها: بأَنْ أَمسكها مدةً ولم يستعملها ثم رَدَّهَا. وحكم الشافعي بضمانها، وكذلك مالك أَيضاً، وصَوَّبه ابن الحاجب.

وقال ابن القاسم: لا تُضْمن إِنْ عَطَّلَهَا، وإِن استغل أَوْ استعمل تضمن على المشهور عنه، وَرُوِي إِلاَّ في العبيد والدوابِّ، وَرُوي لا تضمن مطلقاً. وحجتنا في ذلك حديث عُمر وعلي رضي الله عنهما، فإِنهما حَكما في ولد المغرور أَنه حُرٌّ بالقيمة، وأَوجبا على المغرور (٢) رَدَّ الجارية مع عُقْرها (٣) ، ولم يوجبا قيمة الخدمة، مع علمهما أَنْ المغرور كان يستخدمها، ومع طلب المُدَّعِي لجميع حقه، فلو كان


(١) حُرِّفَت في المطبوعة إلى: "لمصاونة"، والصواب ما أثبتناه من المخطوط.
(٢) المغرور هو: من تزوَّج امرأةً على أنها حُرَّة، ثم تبينَّ له أنها أَمَةٌ. فسُمِّي مغرورًا لكونه غُرِّر به.
وصورة المسألة هنا: أن رجلًا تزوَّج امرأة على أنها حرة، فتبين له أنها أمة بعد أن ولدت له ولدًا، فرفع أمره لسيدنا عمر وعلي رضي الله عنهما: ليحكما - في أمره. وقد مرّ رواية ثانية في ولد المغرور في الجزء الأول ص ٦٦٨. وإن تفصيل المسألة في "الاختيار لتحليل المختار" ٤/ ٢٢.
(٣) العُقْر: ما يجبُ للمرأَةِ من المالِ (الصَّداق) إِذا وُطِئت في نِكاحٍ غير صحيح، ولم يكن الوطء موجِبًا للحدّ. معجم لغة الفقهاء ص ٣١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>