للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإِنْ كَفَل بما لك عليه ضَمِنَ ما قَامَتْ بِهِ بِيِّنَةٌ، وإِنْ لَمْ تَقُمْ، فالقَوْلُ للكفيلِ. وَلَوْ أَقَرَّ صُدِّقَ الأَصِيْلُ في الزِّيادة عَلَى نَفْسِهِ فَقَط. فإِذَا طَالَبَ الدَّائِنُ أَحَدَهُمَا فَلَهُ مُطَالبَةُ الآخَرِ.

وتَصحُّ بِأَمْرِ الأَصِيلِ وبِلا أَمْرِهِ

===

المطر، أَوْ: إِنْ دخل زيدٌ الدار. ولو جعل الأجل في الكفالة إِلى هبوب الريح ونحوه، ولا يصح التأْجيل، وتصح الكفالة ويجب المال حالاً. وعند الشافعي وأَحمد لا تصح الكفالة. ثُم مذهب الشافعي: أَنْ تعليق الكفالة بالشرط لا يصح مطلقاً، لأَنه تعليقُ المال بالخطر.

ولنا الإِجماع على صحة الكفالة بالدَّرَك، وهي مضافة إِلى سبب الوجوب بالاستحقاق، وقوله تعالى: {ولِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيْرٍ وأَنا بِهِ زَعِيْمٌ} (١) حيث علق الكفالة بِشَرْط مجيء الصُّواع (٢) ، وشريعة مَنْ قبلنا ـ إِذا قَصَّ الله علينا بلا إِنكار ـ شَرِيعةٌ لنا. ثُم الكفالة بالنفس كالكفالة بالمال في جواز تعليقها بِشَرْطٍ ملائمٍ، وعدم جوازه بِشَرْطٍ غير ملائِمٍ، وجواز تأْجليها إِلى أَجلٍ معلومٍ وبمجهولٍ جهالةً يسيرةً، كالتأَجيل إِلى العطاء، وإِلى قدوم الحاج، لا إِلى هبوب الريح ونحوه، فإِن أَجَّل إِليه بطل الأجل دون الكفالة، ولزِم تسليم النفس في (الحال) (٣) .

(وإِنْ كَفَل بما لك عليه ضَمِنَ ما قَامَتْ بِهِ بِيِّنَةٌ) لأَن الثابت بالبينة كالثابتِ بالعِيان (وإِنْ لَمْ تَقُمْ) بيّنةٌ (فالقَوْلُ للكفيلِ) في قَدْر مَا أَقَرَّ به، لأَنه مُنْكِرٌ للزيادة، والقول قول المُنْكِر مع يمينه (وَلَوْ أَقَرَّ) الأَصيل بأَكثر مِمَّا أَقَرَّ الكفيل (صُدِّقَ الأَصِيْل في الزِّيادة عَلَى نَفْسِهِ) لأَن له ولايةً عليها (فَقَط) أَي لا يُصَدَّق على الكفيل، إِذْ لا ولاية له عليه.

(فإِذَا طَالَبَ الدَّائِنُ أَحَدَهُمَا) أَي الأَصيل أَوْ الكفيل (فَلَهُ) أَي للدائن (مُطَالبَةُ الآخَرِ) لأَن الكفالة ـ كما مَرَّ ـ ضَمُّ ذِمةٍ إِلى ذِمةٍ في المطالبة، وذلك يقتضي قيام المطالبة الأُولى لا البراءة عنها، إِلاَّ إِذا شرط البراءة عنها، فإِن الكفالة حينئذٍ تكون حوالةً اعتباراً للمعنى، كما أَنَّ الحَوَالة بِشَرْطِ أَنْ لا يبرأَ بها المُحِيل تكون كفالةً.

(وتَصِحُّ) الكفالة (بِأَمْرِ الأَصِيْلِ وبِلَا أَمْرِهِ) لأَنَّها تَصَرُّفٌ من الكفيل في نفسه بالتزام أَنْ يطالبه الدائن، ولا ضرر على الأَصِيل في ذلك، فإِن أَمَرَ الأَصِيْل الكفيل


(١) سورة يوسف، الآية: (٧٢).
(٢) صُوَاع المَلِك: إِناء يُشْرَبُ به ويُكالُ به. مفردات أَلفاظ القرآن ص ٤٩٩.
(٣) في المطبوع: المال، وما أَثبتناه من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>