للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإِنْ لُوْزِمَ لازَمَ أَصِيْلَهُ، وإن حُبِسَ حَبَسَهُ. وإبْرَاؤهُ وتَأْجيلُهُ يَسْرِي لا عَكْسُهُ.

فإن صَالَحَ الكَفِيلُ عَنْ أَلِفِ عَلَى مِئةٍ، بَرِئَ وَرَجَعَ بِهَا، وعَلَى جِنْسٍ آخَرَ بالأَلْفِ، وعَنْ مُوْجَبِ الكَفَالَةِ لا يَبْرأُ الأَصَيْل.

ولا يَصِحُّ تَعْلِيقُ البَرَاءَةِ عَنْهَا بِشَرْط كَسَائِرِ البَرَاآتِ، ولا الكَفَالَةُ بالحُدُودِ

===

بالكفالة، رجع الكفيل بالكفالة عليه بعد أَدائه بِمَا ضَمِنَهُ، سواءٌ أَدى بما ضَمِنه أَوْ أَدَّى خِلَافَهُ، حتى لو كفل بأَلفٍ جيادٍ وأَدَّى أَلفاً زُيوفاً (١) برضاءِ الطالب رجع بالجياد، ولو كفل بأَلْفٍ زُيوفاً وأَدَّى جِيَاداً يرجع بالزيوف. أَما رُجُوعه على الآمِر فلأَنه أَدَّى دَيْنَهُ بِأَمْرِه فيرجع به عليه، وأَما بِمَا ضَمِنه فلأَن رجوعَه بِحُكْم الكفالة، فكان بِمَا دَخَل تحتها. (وإِنْ لُوزِمَ) الكفيل بالمال من جهة الدائن (لَازَمَ) الكفيل (أَصِيْلَهُ،) حتى يخلِّصه (وإِن حُبِسَ) الكفيل (حَبَسَهُ) أَي حبس الكفيلُ أَصيلَه، لأَن ما لَحِقَه إِنَّما هو من جهته فيعامله بمثله.

(وإِبْرَاؤهُ) أَي إِبراء الدائن الأَصيل (وتَأْجيلُهُ) أَي تأَخير الدَّين عن الأَصيل (يَسْرِي) أَي إلى الكفيل، لأَن الكفيل ليس عليه إِلاَّ المطالبة، وهي تَبَعٌ للدَّيْن فتسقط بسقوطه وتتأَخَّر بِتأَخُّرِه (لا عَكْسُهُ) أَي ليس إِبراء الكفيل أَوْ تأَجيله عنه يَسْرِي إِلى الاَّصِيل، لأَن ما على الكفيل فَرْعٌ لِمَا على الأَصيل، وسقوط الفَرْع وتَأَجِيله لا يوجِب سقوطَ الأَصْل أَوْ تأَجيله.

(فإِن صَالَحَ الكَفِيْلُ) الدائن (عَنْ أَلِفٍ عَلَى مِئةٍ بَرِاءَ) الأَصِيْل، لأَن الكَفِيْل أَضَاف الصُّلْح إِلى الأَلف التي على الأَصِيل، فَبَرِاءَ الأَصِيل وبَرِاءَ الكفيل أَيضاً، لأَن براءة الأَصِيل تُوْجِب براءة الكفيل (وَرَجَعَ) الكفيل على الأَصِيل (بِهَا) أَي بالمئة إِنْ كفل بِأَمْرِهِ، لأَنها القَدْر الذي أَوفاه. (و) إِنْ صالح الكفيل عن أَلْفٍ (عَلَى جِنْسٍ آخَرَ) رجع على الأَصِيل (بالأَلْفِ) لأَن الصلح بِجِنْسٍ آخَرَ مبادلةٌ بالدَّيْن، فيملك الكَفِيلُ الدَّيْن فيرجع بكُلِّه على الأَصِيل. وقال مالك والشافعي وأَحمد: يَرْجع بالأَقل من الدَّيْن ومن قيمة ما دَفَعَ، (و) إِنْ صالح الكفيل الدائن (عَنْ مُوْجَبِ الكَفَالَةِ لا يَبْرَأُ الأَصَيل) لأَن هذا إِبراء الكفيل وحْدَه، لأَن موجَب الكفالة ليس إِلا مطالبة الكفيل.

(ولا يَصِحُّ تَعْلِيْقُ البَرَاءَةِ عَنْهَا) أَي عن الكفالة (بِشَرْطٍ) لأَن في الإبراء عنها معنَى التَّمْلِيك، فلا يُقْبَلُ التَّعْلِيقُ (كَسَائِرِ البَرَاآتِ، ولا) تصح (الكَفَالَةُ بالحُدُودِ


(١) الزائف من الدراهم: هي الدراهم الرديئة التي يردّها بيت المال ولا يقبلها لِعِلَّة فيها. معجم لغة الفقهاء ص ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>