للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تَفْسُدُ هي به.

ويُودِعَ، ويَرْهَنَ، ويَحْتَالَ بالثَّمَن على الأَيْسَر والأَعْسَرِ.

ولا يُقْرِضُ ولا يَستَدِيْنُ إلَّا بإِذْنِ المَالِكِ. ولا يُضَارِبُ ولا يَخْلِطُهُ بِمَالِهِ إلَّا بِهِ أَو بـ: "اعْمَلْ بِرَأيِكَ"، فَلَوْ قِيلَ هَذَا وقَصَّرَ، أَو حَمَلَ بِمَالِهِ، تَبَرُّعٌ. بِخِلافِ مَا إِذا صَبَغَ أَحْمَرَ!

===

فلأَن يصح استعانته بربِّ المال ـ وهو أَشْفَقُ عليه ـ كان أَوْلى. (ولا تَفْسُدُ هي) أَي المضاربة (به) أَي بإِبضاع المضارِبِ رَبَّ المال. وقال زُفَر: تَفْسُد.

(و) أَنْ (يُودِعَ و) أَنْ يَرْتَهِن و (يَرْهَنَ و) (أَنْ يُؤجِر و) (١) أَنْ يستأْجر وأَنْ (يَحْتَالَ) أَي يقبل الحَوالة (٢) (بالثَّمَن على الأَيْسَر والأَعْسَرِ) لأَن هذا كله مِنْ صُنْع التجار في تجارتهم، والعقد مطلق، ولا يحصل المقصود منه ـ وهو الربح ـ إِلا بالتجارة، فيتناول ما هو مِنْ صنع التجار في تجارتهم. وعن أَبي يوسف أَنه لا يسافر به إِلا بإِذن، وبه قال الشافعيّ وأَحمد ـ في روايةٍ ـ: لأَن فيه تعريضَ المال للهلاك بلا ضرورة.

(ولا يُقْرِضُ) إِلا بإِذْنٍ، لأَن الإقراض تَبَرُّعٌ وليس من ضروريات التجارة فلا يملكه المضارب. وإِن قيل له: اعمل برأَيك. كما لا يملك الهِبة والصدقة. (ولا يَسْتَدِيْنُ) لما في الاستدانة من شغل ذِمَّة المالك (إِلاَّ بإِذْنِ المَالِكِ) لأَن المنع حقُّ المالك وله تَرْكُهُ. (ولا يُضَارِبُ) إِلاَّ بإِذْن المالك، أَوْ بـ: اعمل برأيك. (ولا يَخْلِطُهُ) أَي مال المضارَبة (بِمَالِهِ إِلاَّ بِهِ) أَي بإِذن المالك. وفي نسخة: بإِذنه، أَي صريحاً (أَوْ بـ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ) لأَن شيئاً من المضاربة والخلط لا تتوقف عليه التجارة، فلا يدخل في مطلق المضاربة، ولكنه جهةٌ تتميزُ فيدخل في العقد عند وجود الدلالة على دخوله، وهو إِذْن رب المال، أَوْ قوله: اعمل برأيك.

(فَلَوْ قِيْلَ) للمضارب (هَذَا) أَي اعمل برأيك، فاشترى المضارِب ثياباً (وقَصَّرَ (٣) أَوْ حَمَلَ (٤) بِمَالِهِ تَبَرُّعٌ (٥) ) لأَن هذا استدانةٌ على ربِّ المال، وهو لا يملكها بهذا المقال (بِخِلَافِ مَا إِذا صَبَغَ) بماله (أَحْمَرَ) فإِنه يصير شريكاً بما زاد الصِّبْغ، لأَنه


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٢) الحَوالة: نَقْلُ الدَّين من ذمَّة المُحِيل إِلى ذِمَّة المُحَال عليه. معجم لغة الفقهاء ص ١٨٧.
(٣) أَي قصَّر بماله.
(٤) أَي حمل المتاع بماله.
(٥) أَي فهو تبرعٌ، حيث تكون لفظة "تبرعٌ" خبرًا لمبتدأ محذوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>