للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتَبطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، ولَحَاقِ المَالِكِ مُرْتَدًّا. ولا يَنْعَزِلُ إِذَا عَزَلَهُ حَتى يَعْلَمَ بِعَزْلِهِ، فَلَوْ عَلِمَ فَلَهُ بَيعُ عَرْضِهَا، ثُمَّ لا يَتَصَرَّفُ في ثَمَنِهِ، ولا في نَقْدٍ نَضَّ مِن جِنْسِ رَأَسِ مَالِهِ، ويُبدِّلُ خِلافَهُ بِهِ.

===

وإِنما قال: «ليعمل» لأَنه إِذا لم يشترط عمل العبد فالمشروط للعبد يكون للمولى مطلقاً، لأَن العبد لم يشترط العمل له وليس له رأْس المال، فيكون للمولى. ذكره في «الذخيرة».

(وتَبْطُلُ) المضاربة (بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) لأَنه توكيلٌ، وهو يبطل بموت الوكيل أَوْ المُوكِّل (ولَحاقِ المَالِكِ) بدار الحرب (مُرْتَدًّا) لأَنه موتٌ حكماً، ولذا يُقسم ماله بين ورثته، ويُعتق مُدَبَّره (١) وأُمّ ولده (٢) . قَيَّد «باللَّحَاق» لأَن مجرد الارتداد لا يُبْطِل تصرف المضارب عند أَبي حنيفة، بل يوقفه على النفاذ بالإِسلام، أَو البطلان بالموت أَوْ القتل. وقيَّد اللَّحاق «بالمالك» لأَن لَحَاق المضارب مرتدّاً لا يُبْطِل المضاربة عندهم، لأَن تصرفات المرتد إِنما تتوقف عند أَبي حنيفة للتَّوقف في أَملاكه، ولا ملك للمضارب في مال المضاربة فبقيت المضاربة على حالها.

(ولا يَنْعَزِلُ) المضارب (إِذَا عَزَلَهُ) ربُّ المال (حَتَّى يَعْلَمَ) المضارب (بِعَزْلِهِ) لأَنه وكيلُ من عزله قبله. وعزل الوكيل قصداً يتوقف على علمه، لأَنه نَهْي، والأَحكام المتعلقة بالأَمر والنهي لا يؤثر فيها الأَمر والنهي إِلا بعد العلم، ودليلهُ أَوامر الشرع ونواهيه، وهذا إِذا كان العزل قصدياً، فلو كان العزل حُكْمياً كالموت، فلا يُشترط علم المضارب، كما في الوكالة.

(فَلَوْ عَلِمَ) بعزله بعدما صار مال المضاربة عَرْضاً (فَلَهُ بَيْعُ عَرْضِهَا) لأَن حَقَّه ثَبَتَ في الربح، (وإِنما يظهر بالقسمة، وقسمة الرِّبح) (٣) على أَنْ يَنِضَّ رأَس المال، أَي يتحول عَيْنَاً بَعْد أَنْ كان متاعاً، كذا في «القاموس».

(ثُمَّ لا يَتَصَرَّفُ في ثَمَنِهِ) بأَن يشتري به شيئاً آخر (ولا في نَقْدٍ نَضَّ) ـ بفتح النون وتشديد المعجمة ـ أَي حصل (مِنْ جِنْسِ رَأَسِ مَالِهِ) لأَن التصرف في العَرْض (٤) ببيعه بعد العزل إِنما كان لضرورة ظهور الربح، ولا ضرورة ههنا. (ويُبَدِّلُ) المضارب بعد العزل (خِلَافَهُ) خلاف جنس رأَس المال (بِهِ) أَي بجنس رأَس المال، وبه قال الشافعيّ وأَحمد.


(١) المدبَّر: الرقيقُ الذي عُلّق عِتْقُه على موتِ سيّده، ومثاله قولُ السيد لعبده: إن مت فأَنت حر. معجم لغة الفقهاء ص ٤١٨.
(٢) أُم الولد: الأَمة التي حملَتْ من سيدها وأَتت بولد. معجم لغة الفقهاء ص ٨٨.
(٣) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٤) العَرض: المتاع = السلع التجارية. معجم لغة الفقهاء ص ٣٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>