للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَوِ افْتَرَقَا، وفي المَالِ دَيْنٌ، لَزِمَهُ طَلَبُهُ، إِنْ كَانَ رِبْحٌ، وإِلَّا يُوكِّلُ المَالِكَ بِهِ.

والبَيَّاعُ والسِّمْسَارُ يُجْبَرَانِ عَلَيهِ، وَمَا هَلَك صُرِفَ إِلى الرِّبْح أَوَّلًا.

إِنْ قَالَ المَالِكُ: عَيَّنْتُ نَوْعًا، صُدِّقَ المُضَارِبُ إِنْ جَحَدَ.

===

(ولَوِ افْتَرَقَا) من المضاربة (وفي المَالِ دَيْنٌ لَزِمَهُ) أَي المضاربَ (طَلَبُهُ) أَي طَلَبَ الدَّيْن، (إِنْ كَانَ ربح) لأَن المضارب كان كالأَجِير، وحِصَّتُه من الربح كالأُجرة وقد سلمت له، فيُجبر على إِتمام العمل. (وإِلاَّ) أَي وإِنْ لم يكن رِبْحٌ لا يلزمه طلب الدين، لأَنه وكِيْلٌ مَحْض، والوكيل متبرعٌ، (والمتبرع) (١) لا يُجبر على إِتمام ما تَبَرَّعَ به.

لكن (يُوكِّلُ) المضارب (المَالِكَ بِهِ) أَي بطلب الدَّيْن، لأَن حقوق العقد تتعلق بالعاقد، وهو ههنا المضارب، فلم يكن لربِّ المال المطالبة بالديون التي فيما عقده المضارب إِلا بتوكيل من المضارب، فيؤمر المضارب بتوكيله كيلا يضيع حقه.

وقال مالك والشافعي وأَحمد: يَلزم المضارب طلب الدين، لأَنه بعقد المضاربة التزم ردَّ رأَس المال على صفته، فيلزمه أَنْ ينِضَّهُ كما لو كان في المال ربح، وكذا سائر الوكلاء (بالبيع، وسائر المستبضِعِين لا يُجبر أَحدهما بعد العزل على طلب الثمن إِذا امتنع في تقاضيه، ولكن يُجبر على أَنْ يحيل ربّ المال بالثمن على المشتري) (٢) .

(والبَيَّاعُ) أَي الدَّلال (والسِّمْسَارُ) ـ بكسر السين الأولى ـ المتوسط بين البائع والمشتري، فارسي (مُعَرَّب) (٣) (يُجْبَرَانِ عَلَيْهِ) أَي على طلب الثَّمن، لأَنهما يعملان بأُجرة عادةً، فكان ذلك بمنزلة الإِجارة الصحيحة. (وَمَا هَلَك) من مال المضاربة (صُرِفَ إِلى الرِّبْح أَوَّلاً) لأَن الربح تابعٌ لرأْس المال لتصور وجود رأَس المال بدون الربح، بخلاف العكس فينصرف الهالك إِليه كما يَصْرِف الهالك من مال الزكاة إِلى العَفْو (٤) دون النصاب، لأَن العفو تبعٌ للنصاب.

(وإِنْ قَالَ المَالِكُ: عَيَّنْتُ نَوْعَاً، صُدِّقَ المُضَارِبُ) مع يمينه (إِنْ جَحَدَ) التَعْيين: بأَن قال: ما سميتَ لي تجارةً بعينها، أَوْ قال: عَمَّمْتَ التجارة في الأَنواع كلها. وقال زُفر: صُدِّق رَبُّ المال، لأَن الإِذْن مستفادٌ منه، كما في الوَكالة.

ولنا أَنَّ الأَصْل في المضاربة العموم دون الخصوص، وفي الوكالة الخصوص


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٣) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٤) العفو: الفَضْل. المُغرب ص ٧١، مادة (عفو).

<<  <  ج: ص:  >  >>