للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ جَاوَزَ مَنْ أَرْضِهِ بَرِئَ. وصَحَّ دَعْوَى الشِّرْبِ بِلا أَرْضٍ.

ولَوْ اخْتَصَمَ قَوْمٌ في شِرْبٍ بينهم، قُسِمَ بِقَدْرِ أَرَاضِيهِمْ، ومُنِعَ الأَعْلَى مِنْ سَكْرِ النَّهْرِ، وإِنْ لم يَشْرَبْ بِدُوْنِهِ إلَّا بِرِضَاهُم، وكُلٌّ مِنْهُمْ مِنْ نَصْبِ رَحىً ونحوِه، لا في مِلْكِهِ، بِحَيْثُ لا يَضُرُّ بالنَّهْرِ وَلا بِالمَاءِ،

===

(ومَنْ جَاوَزَ) أَي الكَرْي (مِنْ أَرْضِهِ) هكذا في النسخ بزيادة «من»، وزيادتها وإِن صحت بعد الشرط على قول أَبي عليَ الفارسي إِلاَّ أَنْ مجرورها يُشترط أَنْ يكون نكرةً، وهو هنا معرفة فكان حَقّه أَنْ يقول: «ومَنْ جَاوَزَ أَرضه»، ولا يبعد أَنْ يقال بالتضمين، فالتقدير ومَنْ تَعدَّى مِنْ أَرضه (بَرِاءَ) من الكَرْي، وهذا عند أبي حنيفة والفتوى عليه، ذَكَرَهُ قاضيخان.

وقالا: هو عليهم جميعاً، من أول النهر إِلى آخِرِه بِحصص الشِّرْكِ (١) والأَرضين. وتوضيحه: أَنْ الشركاء في النهر إِذا كانوا عشرةً، فعند أَبي حنيفة مُؤنة الكَرْي عليهم جميعاً من أَول النهر أَعشاراً إِلى أَنْ يجاوز أَرض أَحدهم، فحينئذٍ يكون مُؤنة الكَرْي على الباقين اتساعاً إِلى أَنْ يجاوز أَرضاً أُخرى، ثُم يكون على الباقين أَثماناً وعلى هذا النقصان إِلى أَخِر النهر.

وعندهما المُؤنة عليهم أَعشاراً مِنْ أَول النهر إِلى آخِره، لأَن كلَّ واحدٍ ينتفع بالأَسفل كما ينتفع بالأَعلى لاحتياجه إِلى تسييل ما فضل من الماء، فإِنه إِذا سَدَّ ذلك فاض على أَرضه فيفسد زرعه، فيتبين أَنْ كل واحدٍ منهم ينتفع بالنهر من أَوله إِلى آخِره، فإِذا استووا في الغُنْم استَوَوا في الغُرْم.

(وصَحَّ دَعْوَى الشِّرْبِ بِلَا أَرْضٍ) استحساناً، والقياس أَنْ لا يصح (ولَوْ اخْتَصَمَ قَوْمٌ في شِرْبٍ بينهم قُسِمَ بِقَدْرِ أَرَاضِيْهِمْ) لأَن المقصود من الشِّرب الانتفاع بِسَقْي الأَرض فيتقدر بِقَدْرها (ومُنِعَ الأَعْلَى مِنْ سَكْرِ النَّهْرِ) أَي سَدِّه على الأَسفل حتى يشرب حصته (وإِنْ لَمْ يَشْرَبِ) الأَعلى (بِدُوْنِهِ) أَي بدون السَّكْر، لما فيه مِنْ إِبطال حقِّ الأَسفل مدة السَّكْر (إِلاَّ بِرِضَاهُمْ) أَي برضاء شركائهم على أَنَّ الأَعلى يَسْكُر النهر حتى يشرب بحصته، أَوْ عَلَى أَنْ يَسْكُر كُلُّ واحدٍ منهم في نوبته، لأَن الحق لهم وقد رضوا بتركه.

(و) منع (كُلٌّ مِنْهُمْ) أَي من الشركاء في النهر (مِنْ نَصْبِ رَحى ونحوِه (٢) ، لا في مِلْكِهِ) وهو ما يكون بطن النهر وحافتاه له وللآخَر التسييل، لأَن ذلك تَصَرُّفٌ في مِلْك نَفْسِه (بِحَيْثُ لا يَضُرُّ بالنَّهْرِ) من كَسْر حَافَّتِهِ (وَلَا بِالمَاءِ) مِنْ تَغَيُّرِه عن سَنَنِهِ


(١) اسم من الشَّرِكَة.
(٢) في المخطوط: ونحوه من شَقِّ نهر، ونصب دالية وجسر …

<<  <  ج: ص:  >  >>