للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلا يُمْلكُ الوَقْفُ وَلا يُتَمَلَّكُ، لَكِنْ يَجُوزُ قِسْمَةُ المُشَاعِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.

وَيَبدَأُ مِن ارْتِفَاعِ الوَقْفِ بِعِمَارَتِهِ إِنْ وَقَفَ عَلَى الفُقَرَاءِ، وَإنْ وَقَفَ عَلَى مُعَيَّنٍ وآجَرَهُ للفقراء، فَهِي في مَالِهِ. فَإنْ امْتَنَعَ، أَوْ كَانَ فَقِيرًا، آجَرَهُ الحَاكِمُ وعمّره بأُجْرَتِهِ، ثُمَّ رَدَّهُ الحاكم إلَى مَصْرِفِهِ.

وَنِقْضُهُ يُصْرَفُ إلى عِمَارَتِهِ أوْ يُدَّخَرُ

===

ويصرف الربح.

(وَلَا يُمْلَكُ الوَقْفُ) إذا صحّ لانحباسه، وإن كان على أولاد الواقف، لأنّ الموقوف عليه لا حقَّ له في العين بل في الغلَّة (وَلَا يُتَمَلَّكُ) لقوله عليه الصَّلاة والسَّلام لعمر: «تَصدّق بأصلها، لا يُبَاع ولا يُوهب» (١) . وكذا لا يُرهن لعدم إمكان استيفاء الدّين منه، ولا يُعَار لعدم جواز تمليك منفعة مَجَّاناً (لَكِنْ يَجُوزُ قِسْمَةُ المُشَاعِ) بين المُلاّك (٢) (عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) ومالك والشَّافعيّ وأحمد إذا طلب الشَّريك القسمة. وقال أبو حنيفة: لا تجوز القسمة ويتهايئون (٣) . قيَّدنا بالملاَّك إذ لا يجوز قسمة الوقفِ بين مصارفِهِ باتفاق الأصحاب.

(وَيَبْدَأُ مِنْ ارْتِفَاعِ الوَقْفِ بِعِمَارَتِهِ إِنْ وَقَفَ عَلَى الفُقَرَاءِ) شَرَطَ الواقف أو لم يشرط، لأنّ قصد الواقف صرف الغلّة على التَّأبيد، ولا يتَأتى ذلك إلاّ بعمارة الوقف، والفقراء ليس لهم شيء حتّى يعمّروا به. وأقرب أموالهم غلّةً الوقفُ، فيعمّر منها.

(وَإِنْ وَقَفَ عَلَى مُعَيَّنٍ وَآجَرَهُ للفقراء فَهِي) أي العمارة (في مَالِهِ) أي مال ذلك المعيَّن لأنّه يمكن مطالبته، وتكون العِمَارة بقدر ما يبقى الموقوف على الصّفة التي وُقِفَ عليها.

(فَإِنْ امْتَنَعَ) المعيّن (أَوْ كَانَ فَقِيراً آجَرَهُ) أي الوقفَ (الحَاكِمُ) لذلك المعيّن أو لغيره بقدر عمارة الوقف على الصّفة التي وقفها الواقف، ولا يُزَاد على ذلك إلاّ برضا ذلك المعيّن. وكذا إن كان وَقْفاً على الفقراء لا يزيد على ذلك في الأصحّ. (وعمّره بأُجْرَتِهِ ثُمَّ رَدَّهُ الحاكم إلَى مَصْرِفِهِ) لأنّ في ذلك رعايةً لحقّ الواقف وحقّ الموقوف عليه. ولا يُجْبَرُ الممتنع على العِمَارة لما فيها من إتلاف ماله.

(وَنِقْضُهُ) بكسر النون، أي منقوضه (يُصْرَفُ إلى عِمَارَتِهِ) إن احتاج (أوْ يُدَّخَرُ


(١) تقدم تخريجه من قبل الشارح ص (٥٦٦).
(٢) في المطبوع: "الأملاك"، والمثبت من المخطوط.
(٣) المُهايأة: الاتفاق على قسمة المنافع على التعاقب، فتكون العين المشتركة لهذا شهرًا ولهذا شهرًا مثلًا. معجم لغة الفقهاء، ص ٤٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>