للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلا يَتَخَتَّمُ بحديد وصُفْرٍ وحَجَرٍ،

===

عَرْفَجَة بن سعد أُصِيب أَنفُه يومٍ الكُلاب، فاتّخذ أنفاً من وَرِق (١) فأنتن عليه، فأمره النبيّ صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفاً من ذهب. وفي «معجم الطَّبَرَانِيّ» بسنده إلى هِشَام بن عُرْوَة، عن عبد الله بن عمرو: أَنَّ أباه سقطت ثنيّته، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يشدّها بذهب. وفي «معجم الصحابة» لابن قَانِع بسنده إلى هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عبد الله بن عبد الله بن أُبِيّ بن (أبِي) (٢) سلول قال: اندقّت ثنيّتيّ يوم أحد، فأمرني النبيّ صلى الله عليه وسلم أن اتّخذ ثنية من ذهب.

وأمَّا عدمه عنهما، فلأنّ الأصل فيهما التحريم، والإباحة للضرورة، وقد اندفعت بالفضة، وهي الأدنى فبقي الذهب على التحريم، والضرورةُ لم تندفع في الأنف دونه حيث أنتن. كذا ذكره بعض الشُّراح، وفيه أنّ نصه صلى الله عليه وسلم ابتداءً باتخاذ الثنيَّة من ذهب يأبى عن ذلك، فالمعتمد أن يقال مهما تندفع الضرورة بالفضة، فلا يجوز بالذهب اعتباراً للأخفّ، حيث جوّزوا خاتم الفضة دون خاتم الذهب، والله أعلم.

(وَلَا يَتَخَتَّمُ) أي ولا يجوز للرجل والمرأة أن يتختَّم (بحديد وصُفْرٍ) أي نحاس أصفر، لما أخرجه أبو داود والترمذي والنَّسائي عن عبد الله بن بُرَيْدَة، عن أبيه قال: جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من حديدٍ فقال: «ما لي أرى عليك حِلْيَة أهل النار»؟ ثم جاء وعليه خاتم من شَبَهٍ فقال: «ما لي أجد منك ريح الأصنام»؟ فقال: يا رسول الله من أي شيء أتّخذه؟ قال: «اتّخذه من وَرِق ولا تُتُمّه مثقالاً». زاد الترمذي: قبل التعليم (٣) ، ثم جاءه وعليه خاتم من ذهب فقال: «ما لي أرى عليك حلية أهل الجنة»؟ وقال: «صُفْرٍ» عوض «شَبَهٍ». انتهى. والشَّبه بحركة وبكسر: النحاس الأصفر.

(وحَجَرٍ) كاليَشْبِ (٤) المشهور باليَشْمِ (٥) ويقال له: البلور.

واعلم أنه وقع في «الجامع الصغير»: ولا يتختم إلاَّ بالفضة. قال شمس الأئمة السَّرَخَسِيّ في «شرحه»: ولظاهر هذا اللفظ، يعني بطريق الحصر، كره بعض مشايخنا التختم باليَشْبِ، والأصحّ أنه لا بأس بذلك، وأنّ مراده كراهة التختم بالذهب


(١) الوَرِق: الفضة، مضروبة كانت أو غير مضروبة. المعجم الوسيط ص ١٠٢٦، مادة: (ورق).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٣) لم نجد هذه الزيادة عند الترمذي!
(٤) اليَشْبُ: نوعٌ غير نَقِيّ من السِّلكيات ذات التَّبلور الكاذب، لونها في العادة أحمر أو بُنيّ أو أصفر، ويندر أن يكون أخضر، وبعض أنواعه ذو خطوط جميلة مختلفة الألوان وصالح للزينة. المعجم الوسيط ص ١٠٦٥.
(٥) اليَشْمُ: مصطلح عام يشمل مجموعة من المعادن الصَّلْدة التي تتدرج ألوانها من الأبيض تقريبًا إلى الأخضر الأدكن، وتتكون من سلكيات الكلسيوم والمغنسيوم غير المتبلورة. المعجم الوسيط.

<<  <  ج: ص:  >  >>