للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالفَحْلِ، وإلَى كُلِّ أَعْضَاءِ مَنْ يَحِلُّ بَينَهُمَا الوَطْءُ.

===

والمُخَنَّث (كَالفَحْلِ) (١) الخالص في حكم النظر لأنهم ذكور حقيقة، ولقول عائشة: الخِصَاءُ مُثْلَة فلا يُبيح ما كان حراماً قبله. ذكره في «المَبْسُوط». وقيل: هو أشد الناس جماعاً، فإنه لا تَفْتُر آلته بالإنزال، وكذا المجبوبُ لأنّه قد يُسْحَقُ (فَيُنْزِل) (٢) . وإن كان مجبوباً قد جفّ ماؤُه، فقد رخّص بعض مشايخنا في حقه الاختلاط بالنساء لوقوع الأمن من الفتنة. وقد قال تعالى: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} (٣) فقيل: هو المجبوب الذي جفّ ماؤُه، والأصحّ أنه لا يحل له ذلك لعموم النصوص.

وكذا المخنث في الرديء من الأفعال، لأنه كغيره من الرجال، بل هو من الفُسَّاق فيُنَحَّى عن النساء. فأما إذا كان في أعضائه لين، وفي لسانه تكسّر ولا يشتهي النساءَ، ولا يكون مخنثاً في الرديء من الأفعال، فقد رخَّص بعض مشايخنا في ترك مثله مع النساء، وهو أحد تأويلي (٤) قوله تعالى: {أَوِ التَّابِعينَ}. وقيل: المراد الأَبله الذي لا يدري ما يصنع بالنساء وإنّما همته بطنه.

والأصحّ أن نقول: إنه من المتشابِه، وقوله: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} (٥) محكمٌ فنأخذ بالمحكم ونقول: كل من كان من الرجال لا يحلّ لها أن تبدي موضع الزينة الباطنة بين يديه، ولا يحلّ له أن ينظر إليها إلاّ أن يكون صغيراً، فحينئدٍ لا بأس (٦) به، لقوله تعالى: {أَوِ الطِّفْلِ الذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء} كذا ذكره بعض علمائنا.

والأظهر أنه ليس من المتشابه ولو اختُلف في معناه، فإنّ مآل الكل إلى اشتراط عدم الشهوة، كما هو منصوص عليه في قوله سبحانه: {غَيْرَ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أو الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ}، ولا يبعد أَنْ يكون الموصول نعتاً للرجال والأطفال، والله تعالى أَعلم بالأَحوال.

(وإلَى) أي ينظر الرجل ولو بشهوة إلى (كُلِّ أَعْضَاءِ مَنْ يَحِلُّ بَيْنَهُمَا الوَطْءُ) وهي زوجته وأَمته، لأنّ ما فوق النظر من المسيس والغشيان يباح له، فالنظر أولى، ولقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ


(١) الفَحْلُ: غير الخَصِيّ من الذكور. معجم لغة الفقهاء ص. ٣٤.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٣) سورة النور، الآية: (٣١).
(٤) في المخطوط: تأويل، والمثبت من المطبوع.
(٥) سورة النور، الآية: (٣٠).
(٦) في المطبوع: لا يؤمر به، والمثبت من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>