للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بلا شهوة عند أبي حنيفة ومحمد. وعند أبي يوسف: لا بأس بذلك عند عدم الشهوة، لما أخرجه الحاكم في «المستدرك» ـ وقال: إسناده صحيحٌ لا غبار عليه، ـ من حديث ابن عمر قال: وجَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم جعفر بن أبي طالب إلى بلاد الحبشة، فلمّا قَدِم منها اعتنقه النبيّ صلى الله عليه وسلم وقبَّل بين عينيه، فصار كالمصافحة. وتقبيل يد العالم (العامل) (١) ، والسلطان العادل للتبرك.

أمّا المصافحة فلقوله عليه الصلاة والسلام: «إن المؤمن إذا لَقِيَ المؤمن فسلّم عليه، وأخذ بيده تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر». رواه الطَّبَراني في «معجمه الأوسط». وقوله عليه الصلاة والسلام: «ما من مسلمَين يلتقيان فيتصافحان إلاَّ غُفِرَ لهما قبل أن يفترقا». رواه أبو داود والترمذي. وأمّا قول صاحب «الهداية» عنه عليه الصلاة والسلام: «مَنْ صافح أخاه المسلم وحرك يده تناثرت ذنوبه». فقوله: «حرك يده» غير معروفٍ.

وأمّا التقبيل فلقول ابن عمر كنّا في سَرِيّة من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم فدنونا من النبيّ صلى الله عليه وسلم فقبَّلنا يده. رواه أبو داود والترمذي. ولقول صَفْوَان بن عسَّال: إن قوماً من اليهود قبّلوا يد النبيّ صلى الله عليه وسلم ورجله. رواه الترمذي، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وأما ما قيل من أن حديث جعفر محمولٌ على ما قَبْلَ التحريم، فغير ظاهر، بل ينبغي أن يُخصّ جواز المعانقة بالقادم من السفر، والله تعالى أعلم.

وروى الطَّحَاوِيّ أنه عليه الصلاة والسّلام نهى عن المكاعمة، (وعن المكامَعة) (٢) .

وفي «الجامع الصغير»: ويكره أن يُقَبِّل فمَ الرجل أو يده أو شيئاً منه أو يعانقه. وذكر الطَّحاويّ: أنّ هذا قول أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف: لا بأس بالتقبيل والمعانقة. وقالوا الخلاف فيما إذا لم يكن عليهما غير الإزار، وأمّا إذا كان عليهما قميص أو جُبَّة فلا بأس بالإجماع، وهو الذي اختاره الشيخ أبو مَنْصُور المَاتُرِيدِيّ.

ثم لا بأس بتقبيل يد العالم والسلطان العادل على سبيل التبرُّك، وكذا تقبيل يد الأبوين والشيخ والرجل (الصالح) (١) . وما يفعله الجهّال من تقبيل يد نفسه إذا لقي


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط. وسيأتي شرحها من المؤلف في الصفحة التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>