للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ودخولَ المسجد والطوافَ واستمتاعَ ما تحتَ الإِزارِ

===

الخوارِجِ بها. وإنما قالت ذلك لها، لأنَّ طائفةً من الخوارج يُوجبون على الحائض قضاءَ الصلاة. والاستفهامُ إنكاريٌّ بأنَّ هذه طريقةُ الحَرُورِيَّة. وقيل: إنما قالت ذلك لأنها تعمَّقَتْ في الدين، وأهلُ حَرُوراء تعمَّقوا فيه حتى خرجوا عنه.

(و) يَمنعُ الحيضُ (دخولَ المسجد) لِمَا روى أبو داود من حديث عائشة قالت: جاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ووجوهُ بيوتِ أصحابه شارعةٌ في المسجد (١) ، فقال: «وجِّهُوا هذه البيوتَ عن المسجد». ثم دخل ولم يَصنع القومُ شيئاً رجاءَ أن يَنزِلَ فيهم رُخصة، فخرج إليهم فقال: «وجِّهُوا هذه البيوتَ عن المسجدِ، فإنِّي لا أُحِلُّ المسجدَ لجُنُبٍ ولا حائض».

(و) يَمنعُ (الطوافَ) بالكعبة لأنَّه في المسجد. واحْتِيجَ إلى ذكرِه لئلا يُتوهَّمَ أنه لمَّا جاز لها الوقوفُ (٢) مع أنه أقوى أركانِ الحجّ، فَلأَنْ يجوزَ لها الطَّوافُ أولى، ولِيَدُلَّ على أنه كما يَحرُمُ عليها الدخولُ في المسجد يَحرمُ عليها الطواف، ولأنها إذا دخَلَتْ المسجد طاهرةً ثم حاضَتْ لا تطوفُ، إِذْ يجبُ عليها الخروجُ في ساعته بتيمُّمٍ وهو الأولى.

(و) يَمنعُ (استمتاعَ ما تحتَ الإِزارِ) من المرأةِ حائضاً أو نُفَساء، وهو: ما بين السُّرَّةِ والرُّكْبة.

وقال محمد وأحمد بن حنبل: يَمنعُ الحيضُ الاستمتاعَ بالفرج خاصةً، وهو قولٌ للشافعيّ، واختاره النوويُّ لما رواه الجماعة إلا البخاريَّ عن أنس: أنَّ اليهود كانوا إذا حاضت المرأةُ لم يُواكِلُوها، ولم يُجامِعُوها في البيوت، أي لم يُساكِنُوها فيها. فسأل أصحابُ النبيّ (٣) صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله تعالى: {يَسئلونَك عن المَحِيضِ قُلْ هو أَذًى} (٤) … الآية. فقال صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا كلَّ شيء إلا النكاحَ»، أي الجماع كما في رواية.

ولنا: ما رَوَى أبو داود عن عبد الله بن سَعْد قال: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يَحِلُّ لي مِنْ امرأتي وهي حائض؟ فقال صلى الله عليه وسلم «لكَ ما فوقَ الإِزار». وقد حسَّنه البعض، وقال


(١) أي مفتوحة إلى المسجد، يدخلون منها إليه.
(٢) أي بعرفة.
(٣) في المطبوعة: "فسأل أصحابه - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك … ".
(٤) سورة البقرة، آية: (٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>