للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

شارحُه أبو زُرْعة العراقيُّ: ينبغي أن يكون صحيحاً.

وما صَحَّ مِنْ قولِ عائشة: وكان يأمُرني فأتَّزِرُ، فيُباشِرُني وأنا حائض. أي يُلامِسُني. وفي المتفق عليه: أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يُباشِرُ إحداهُنَّ حتى يَأمُرَها أنْ تأتَزِر. ولولا مَنْعُ ما تحتَ الإِزار لم يكن لأمْرها بالإِزار (١) قبلَ المباشرةِ معنى، إلا أنه يُحتَملُ أن يكون من باب الاحتياط، فإنَّ الراعيَ حول الحِمَى يُوشِكُ أن يقع فيه، ويُمكِنُ حملُ قوله صلى الله عليه وسلم «إلا النكاح» على الجماع حقيقةً أو حُكماً، فالمسأَلةُ ظنيةٌ غيرُ قطعية.

ثم المشهورُ من رواية المحدِّثين وغيرهِم فأَتَّزِرُ بهمزةِ قطعٍ فمُثنَّاة فوقية مشدّدة. وقال المُطرِّزي (٢) : الصوابُ فأَءْتَزِرُ بهمزتين: الأُولى للوصل، والثانيةُ ساكنةٌ، هي فاءُ افتعل من الإِزار، كذا نقله الشُمُنِّي. وهو خطأٌ في نقلِ عبارته، فإنَّ الصواب أن يقول: بهمزتين: الأُولى للقطع لأنها همزة متكلِّم، والثانيةُ مُبدَلَةُ الفاء. ونَصَّ الزمخشريُّ أيضاً على خطأ أَتَّزِرُ بالإِدغام وتَبعه الطِّيبيُّ في «شرح المِشكاة»، ولا يَخفى أنَّ رواية المحدِّثين أقوى من نقلِ اللغويين.

وقد قال ابنُ مالك: إنَّ إدغام الهمزة في التاء مقصورٌ على السماع. وقد سُمِعَ: اتَّزَرَ من الإِزار، واتَّكلَ من الأَكْل. وقرأ ابنُ مُحَيْصِن {فليُؤدِّ الذي اتُّمِنَ} (٣) بهزةِ وصل وتاءٍ مشدَّدةِ مضمومة، وهو من الأمانة. والقراءةُ الشاذَّةُ بمنزلةِ خبر الآحاد. ويؤيِّدُه قراءةُ الجمهور {اتَّخَذْتُم} بالإِدغام، فالظاهرُ أنه مأخوذٌ من الأَخْذ لا من اتَّخَذَ.

وفي «المحيط»: رَوَى ابنُ رُسْتُم: أنَّ من قال بأنَّ جِماع الحائض حلالٌ كُفِّرْ، أي إذا كان يعتقده أنه ليس بمنهي عنه، لأنه يصير جاحداً لحكمِ الكتاب. ومَنْ جامع (٤) وهو عالمٌ بالتحريم فليس عليه إلا التوبةُ والاستغفار، لأنه باشَرَ كبيرةً فكفَّارتُها غيرُ مشروعة إلا بالتوبة. ويُستحَبُّ أن يتصدَّقَ بدينارٍ أو نصفِ دينار. وقيل: إن أصابها في الدَّمِ فبدينار، وفي انقطاعِه فبنِصفِ دينار. ويَشهدُ للقولِ الأوَّلِ: ما أخرجه أبو داود في «سننه» عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأتَه وهي حائض قال: «يَتصدَّقُ بدينارٍ أو بنصفِ دينار». قال أبو داود: هكذا الروايةُ الصحيحةُ: «بدينارٍ أو


(١) عبارة المخطوط: "لم يكن الأمر لها بالاتزار قبل المباشرة معنى".
(٢) المغرب في ترتيب المعرب ١/ ٣٧ - ٣٨، مادة (أزر).
(٣) سورة البقرة، آية: (٢٨٣).
(٤) لفظ: "جامع" سقط من المطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>