للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا تَقرأ كجُنُبٍ ونُفَساء، بخلافِ المُحْدِث.

===

بنصفِ دينار». وللقولِ الثاني: ما أخرجه أبو داود أيضاً عن ابن عباس: قال: إذا أصابها في أوَّل الدم فدينارٌ، وإذا أصابها في انقطاعه فنصفُ دينار. قلتُ: فهذا تفسيرٌ للحديث الأوَّل، والإِشعارُ بأنَّ «أوْ» للتنويع لا للشكّ.

(ولا تَقرأُ) أي الحائضُ آيةً ولا ما دُونَها (كجُنُبٍ ونُفَساء) أي كما لا يَقرأ جنبٌ ونُفَساءُ شيئاً منه، وهذا اختيارُ الكرخي. واختيارُ الطحاوي: أنه لا بأس بقراءة ما دون الآية لأن النَّظْم والمعنى قاصرانِ فيه، ولهذا لا تجوزُ به الصلاة. وفي «البخاري»: قال إبراهيمُ ـ أي النَّخَعِيُّ ـ: لا بأسَ أن تقرأ الحائضُ الآية. ولم يرَ ابنُ عباس بالقراءة للجنب بأساً.

ووَجْهُ الأوَّل ما روى الترمذي وابن ماجه مِنْ حديث ابن عُمَر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تَقرأُ الحائضُ والجُنُبُ شيئاً من القرآن». وفي «المحيط»: وهذا إذا قرأتْ على قصدِ التلاوة، إذْ لو قرأتْ على قصدِ الذكر والثناءِ نحو: بسمِ الله الرحمن الرحيم، والحمدُ لله ربّ العالمين (١) ، أو علَّمتْ الحائضُ أو الجنُبُ حرفاً حرفاً فلا بأس به بالاتفاق لأجلِ العُذْرِ والضرورة.

(بخلاف المُحْدِث) فإنه يَقرأُ لما في «السنن الأربعة» وصحَّحه الحاكم عن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَحجُبه ـ أو لا يَحْجُزه ـ عن القرآن شيءٌ، ليس الجنابة. قال الترمذي: حسَنٌ صحيح.

ولم يَمنع مالكٌ الحائضَ التلاوةَ لاحتياجِها إليها خوفاً من النسيان، ولعدمِ قدرتها على رَفعِ الحيض، بخلاف الجنابة لقدرتها على إزالتها (٢) .

ولنا ما رواه الترمذي وابن ماجه عن ابن عُمَر أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا تَقرأُ الحائضُ والجُنُبُ شيئاً من القرآن». ورواه الدارقطني في «سننه» عن جابر مرفوعاً نحوَه.


(١) أو على قصد الدعاء نحو {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا … } فلا بأس بذلك، وأما ما لا ذكر فيه ولا ثناء ولا دعاء، فلا تجوز قراءته للحائض أو الجنب، كقوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} ونحوها من آيات الأحكام. انتهى. مما أفاده الشيخ عبد الفتاح أبو غُدة رحمه الله تعالى.
(٢) مذهب الإمام مالك جواز قراءة القرآن للحائض والنفساء من غير أن تمسّ المصحف، سواء خافت النسيان أو لم تخفه. فقول الشارح هنا: "خوفًا من النسيان" غير سديد، ويجوز للحائض والنفساء أن تَمسَّ المصحف إذا كانت معلِّمة أو متعلمة. ويجوز للجُنُب قراءة اليسير من القرآن للتعوُّذ عند النوم، أو خوف، أو للتبرُّك، أو للرُّقيا، أو للاستدلال على حكم شرعي. انتهى ملخصًا مما أفاده الشيخ عبد الفتاح رحمه الله تعالى. وانظر "الشرح الصغير" للدردير بحاشية الصاوي ١/ ٦٥،٩٢ - ٩٣ و: ١/ ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>