للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإنْ أدْرَكَهُ المُرْسِلُ أَوْ الرَّامي حَيًّا ذَكّاهُ.

فَإنْ تَرَكَهَا عَمْدًا حَرُمَ،

===

بالأمس. فقال: «لو أعلم إنّ سهمك قتله أكلته، ولكن (لا) (١) أدري وهوامُّ الأرض كثيرة». وفي «مراسيل أبي داود» عن الشَّعْبِيّ أن أعرابياً أهدى إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ظَبْياً فقال: «من أين أصبت هذا»؟ قال: رميته فطلبته فأعجزني حتى أدركني المساء فرجعت، فلمّا أصبحت اتّبعت أثره فوجدته في غارٍ، وهذا مِشْقَصِي (٢) فيه أعرفه»، قال: «بات عنك الليلة فلا آمَنُ أن يكون هامَّةٌ أعانتك عليه فلا حاجة لي فيه». هذا ولكنه يخالف صريح ما في مسلم وأحمد وأبي داود والنَّسائي عن أبي ثَعْلَبَة الخُشَنِيّ عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يدرك صيده بعد ثلاث قال: «كُلْ ما لم يُنْتِنْ».

وكذا ما في «صحيح البخاري» ومسلم والنَّسائي عن عدي بن حاتم: «وإن رميتَ بسهمِك فاذكر اسمَ الله، فإن غاب عنك يوماً فلم تجد فيه إلاّ أثرَ سَهْمِك فَكُلْ إن شئت، وإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل، فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك»؟. وفي مسلم عنه أيضاً أنه قال: يا رسول الله يرمي أحدنا الصيد فيقتفي أثره اليومين أو الثلاثة ثم يجده ميتاً وفيه سهمه (أيأكل) (٣) قال: «يأكل إن شاء». وفي سنن الترمذي والنَّسائي عنه أيضاً قال: قلت: يا رسول الله إنَّا أهل صيد، وإنّ أحدنا يرمي الصيد فيغيب عنه الليلة والليلتين، فيبتغي الأثر فيجده ميتاً. قال: «إذا وجدت السهم فيه ولم تجد أثر غيره، وعلمت أنّ سهمك قتله فكله». ولا شك أنّ الصريح مقدّم على الظاهر في الاستدلال، اللَّهم إلاّ أن يقال: إنّ الظاهر حاظرٌ، وهو مقدّمٌ على المبيح.

(فَإِنْ أدْرَكَهُ المُرْسِلُ أَوْ الرَّامي حَيّاً ذَكّاهُ) لأنه قَدِر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل، لأنّ المقصود هو الإباحة، وهي لا تثبت قبل موته. (فَإِنْ تَرَكَهَا) أي الذكاة (عَمْداً حَرُمَ) لأنّه ميْتَةٌ، لأنّ الواجب فيه الذكاة الاختيارية ولم يفعل، وهذا إذا تمكّن من ذبحه ولم يذبحه، أو لم يتمكن، وفيه من الحياة فوق ما في المذبوح في ظاهر الرواية. وعن أبي حنيفة وأبي يوسف: أنّه يحِلّ، وهو قول الشافعيّ. لأن ذكاة الاضطرار بدلٌ عن ذكاة الاختيار، وما لم يقدِر على الأصل لا يسقط حُكْمُ البدل. وهنا لم يقدر على الأصل فصار كالمتيمم إذا وجد الماء وبينه (وبينه) (٤) سَبُعٌ أو عدوٌ. وأمّا إذا لم يتمكّن من ذبحه وكان فيه من الحياة بقدر ما في المذبوح، بأن لم


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) المِشْقَصُ: سهمٌ ذو نصْلٍ عريضٍ. المعجم الوسيط ص ٤٨٩، مادة (شقص).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط في المخطوط.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>