للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُعْتَبَرُ الزَّجْرُ فِيمَا لَمْ يُرْسِلْ، وَلَوْ اجْتَمَعَا يُعْتَبَرُ الإِرْسَالُ. وَإنْ أخَذَ غَيْرَ مَا أُرْسِلَ إِلَيهِ حَلَّ، كَصَيدٍ رُمِيَ فَقُطِعَ عُضْوٌ مِنْهُ، لا العُضْوُ.

فَإنْ قُطِعَ أَثْلاثًا وَأكثرُهُ مَعْ عَجُزِهِ، أوْ قُطِعَ نِصْفُ رَأْسِهِ أوْ أكثَرُهُ، أوْ قُدَّ بِنِصْفَيْنِ، أُكُلَ كُلُّهُ.

===

{وَالمُتَرَدِّيَة} (١) ، وأمّا الواقع على الأرض ابتداءً أُكِلَ استحساناً، لأنّه لا يمكن الاحتراز عنه، إذ في اعتباره سدّ باب الاصطياد.

(وَيُعْتَبَرُ الزَّجْرُ) وهو الإغراء بالصياح عليه، والانزجار: إظهار زيادة الطلب (فِيمَا) انفلت الجارح و (لَمْ يُرْسِلْ) فإنّ الزَّجر عند عدم الإِرسال أقيم مقام الإِرسال، لأن انزجاره عَقِيب زجره دليلٌ على طاعته، فإن لم يرسل الكلب أحدٌ وزجره مسلم فانزجر فأخذ الصيد حلّ، ولو زجره مجوسيّ فانزجر فأخذ الصيد حَرُم.

(وَلَوْ اجْتَمَعَا) أي الإِرسال والزَّجر مِنْ مُسْلِمٍ وَمَجُوسِيّ. أو مُحْرِمٍ أو مرتدَ أو تاركٍ التسمية عمداً (يُعْتَبَرُ الإِرْسَالُ) لأنّ الفعل يُرفع بما فوقه أو مِثْلُه، لا بما هو دونه. والزجر دون الإِرسال لكونه بناء عليه. (وَإِنْ أخَذَ) المُرْسَل (غَيْرَ مَا أُرْسِلَ إِلَيْهِ حَلَّ) لأنه لا يمكن تعليمه على وجهٍ يأخذ ما عيّنه لأخذه، فسقط اعتباره.

(كَصَيْدٍ) أي كَحِلّ صيدٍ (رُمِيَ فَقُطِعَ عُضْوٌ مِنْهُ) لوجود الجَرْح (لا العُضْوُ) أي: لا يَحِلّ العضو، لأنه ميتة لِمَا أخرجه أبو داود والترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ عن أبي واقدٍ اللَّيْثِيّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما قُطِعَ عن البهيمة وهي حيةٌ فهو ميتةٌ». زاد الترمذي: قال: قدم النبيّ صلى الله عليه وسلم وهم يَجُبُّونَ (٢) أسْنِمَةَ الإبل ويقطعون أَلْيَات الغنم، فقال صلى الله عليه وسلم: «ما قُطع من البهيمة وهي حيةٌ فهو ميتةٌ». وفي «المستدرك» عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن قطع أليات الغنم وجبّ أَسْنِمَة الإبل، فقال: «ما قطع من حي فهو ميتٌ». وقال: حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

(فَإنْ قُطِعَ) الصيد (أَثْلَاثاً، وَأَكْثَرُهُ مَعْ عَجُزِهِ، أوْ قُطِعَ نِصْفُ رَأْسِهِ، أوْ أكثَرُهُ، أوْ قُدَّ) أي شُقَّ (بِنِصْفَيْنِ أُكِلَ كُلُّهُ)، لأن المُبَان منه في الصُّوَر الثلاث حيّ صورةً لا حُكْماً، إذ لا يتوهم بقاء الحياة فيه، وصار كما لو أُبين رأسه في الذكاة الاختيارية، وذلك أنّ فيه من الحياة بقدر ما في المذبوح. ولهذا لو وقع في الماء وبه هذا القدر من الحياة، أو تردّى من جبلٍ أو سطحٍ، لا يَحْرُم.


(١) سورة المائدة، الآية: (٣).
(٢) الجَبُّ: القطع. النهاية ١/ ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>