للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِرَادِّهِ مِنْ مُدَّة سَفَرٍ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَإنْ لَمْ يَعْدِلها، إِنْ أشْهَدَ أَنه أَخَذَهُ لِلْرَّدِّ.

===

واجد الضَّال. وإذا دُفِعَ الآبق إلى السلطان يحبسه تعزيراً له في إباقه، وإذا دُفِعَ الضَّال إليه لا يحبسه لعدم ما يوجبه. ولأنّ الآبق لا يُؤْمن عليه الإباق ثانياً بخلاف الضَّال، ولهذا لا يؤجره إن كان له منفعة وينفق عليه من بيت المال، دَيْناً على مالكه. وإذا طالت المدة ولم يجاء صاحبه باعه وحفظ ثمنه.

وفي «المَبْسُوطِ»: لو حبس السلطان الآبق فجاء واحدٌ، وأقام بيّنةً أنه له، يحلف بالله ما بعته ولا وهبته، ثم يدفَعُه إليه، لأنه يحتمل أنه باعه أو وهبه، ولا يعرف الشهود ذلك. قلت: وينبغي أن يحلِّفَه ثانية بأنه: ما أعتقته، لوجود احتمال عتقه. ولو دفعه بإقرار العبد بلا بيّنة يأخذ كفيلاً، ويجوز الدفع بإقراره لأن العبد في يد نفسه فيعتبر إقراره كما لو ادّعى الحرية.

(وَلِرَادِّهِ) أي الآبق (مِنْ مُدَّة سَفَرٍ) وهي ثلاثة أيامٍ فصاعداً (أَرْبَعُونَ دِرْهَماً) ولو كان أمَّ ولدٍ (١) أو مُدَبَّراً (٢) في حياة المولى لأنهما مملوكان له بخلاف المُكَاتَب (٣) ، لأنّه أحقّ بمكاسبه، وبخلافهما بعد حياة المولى، لأنّ أمّ الولد تعتِق بموته فتكون حرّة ولا جُعْلَ (٤) في ردّ الحرّ، وكذا المُدَبَّر إن خرج من الثلث، وكذا إن لم يخرج عندهما، لأنّه حرٌّ عليه دين، لأنّ العتق لا يتجزّاء عندهما، ومكاتبٌ عند أبي حنيفة، ولا جُعلَ في المُكَاتَب. (وَإِنْ لَمْ يَعْدِلها) أي لم يعدل الآبق الأربعين بأن كانت قيمته أقلّ منها، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: يُقْضَى له بقيمته إلاّ درهماً ليُسَلَّمَ للمالك شيءٌ تحقيقاً للفائدة، وهو رواية عن أبي حنيفة. ولأبي يوسف أنه ورد التقدير بها، فلا ينقص عنها.

(إِنْ أشْهَدَ أَنه أَخَذَهُ لِلْرَّدِّ) قيّد به، لأن الإشهاد شرطٌ في أخد الآبق على الآخذ عند أبي حنيفة ومحمد كما في اللُّقطة، وعند أبي يوسف ومالك والشَّافعيّ وأحمد ليس بشرطٍ. ثم القياس أن لا شيء (عليه) (٥) لرادّه إلاّ بشرط أن يقول: كلُّ من ردّ عليّ آبقي فله كذا، وهو قول الشّافعيّ والنَّخَعِيّ وبعض أصحاب أحمد، لأن الرادّ تبرّع بمنافعه في ردّه على سيده، وهو لو تبرّع بمنافعه في ردّ غيره من أعيان ماله، أو في ردّ


(١) سبق شرحها ص (١٣)، التعليقة رقم: (٨).
(٢) سبق شرحها ص (١٣)، التعليقة رقم: (٦).
(٣) سبق شرحها ص (١٣)، التعليقة رقم: (٧).
(٤) الجُعْلُ: ما يُجعَلُ على العمل من أجر أو رِشْوَة. المعجم الوسيط ص ١٢٦، مادة (جعل).
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>