للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَنْ قُلِّدَ القَضَاءَ سَأَلَ دِيوَانَ قَاضٍ قَبْلَهُ، وَلا يَعْمَلُ في المَحْبُوسِ بِقَوْلِ المَعْزُولِ، وَكَذَا فِي غَلَّةِ الوَقْفِ وَالوَدِيعَةِ، إلّا إذَا أَقَرَّ ذُو اليَدِ بِالتَّسْلِيمِ مِنْهُ. وَيُقْرِض مَالَ اليتيمِ.

===

رِيبة.

أمّا بريبة فظاهر، وأمّا بغير ريبة فلما رُوِيَ عن أبي حنيفة: أنّ القاضي لا يُتْرَكُ على القضاء إلاّ حولاً، لأنه متى اشتغل بالقضاء أكثر من سنة نسي العلم. وقال الشافعي وأحمد: يجوز عزله بخلَلِه. وقال مالك: بشكوى أحد، ولو عزله بغير خللٍ منه لا ينعزل، فإن كان أحدٌ صالحٌ أفضلَ منه جاز عزله، وإن كان دونه أو مثله، فإن كان لتسكين فتنةٍ أو لمصلحةٍ أخرى جاز عزله. والقضاة والولاة لا ينعزلون بموت السلطان بلا خلاف، ولو عَزَل القاضي نفسه ينعزل.

(وَمَنْ قُلِّدَ القَضَاءَ سَأَلَ) أي طلب (دِيوَانَ قَاضٍ قَبْلَهُ) وهو الخرائط التي فيها نُسخ السجلات وغيرها من الصكوك والمحاضر ونصب الأوصياء والقَيِّم في أموال الوقف وتقدير النفقات. وهذا لأنّ القاضي يكتب نسختين إحداهما في يد الخصم والأخرى تكون في يد القاضي، ربّما يحتاج إليها لمعنىً من المعاني، وما في يد الخصم لا يؤمن عليه من الزيادة والنقص. فيبعث القاضي عدلين أو عدلاً واحداً ليقبض ديوان القاضي المعزول بحضرته أو بحضرة أمينه.

(وَلَا يَعْمَلُ) القاضي المتولي (في المَحْبُوسِ) المِنْكِر (بِقَوْلِ المَعْزُولِ) بل بالبيّنة فإن لم يكن بيّنه نادى: من له حقّ على فلانٍ فليحضر مجلس القضاء، فإن لم يحضر أحد خلَّى سبيله وأخذ منه كفيلاً، وإنّما لا يعمل بقول المعزول، لأنّ قوله حينئذٍ شهادةٌ، وشهادة الفردِ ليست بحجَّة لا سيما إذا كانت على فعلِ نفسه.

(وَكَذَا فِي غَلَّةِ الوَقْفِ وَالوَدِيعَةِ) لا يعمل بقول المعزول: إنَّ وديعة فلان دفعتُها إلى هذا الرجل، وهو منكرٌ، بل يعمل بالبيَّنة (إلاّ إذَا أَقَرَّ ذُو اليَدِ بِالتَّسْلِيمِ مِنْهُ) أي بالأخذ من المعزول، لأنّ ذا اليد أقرَّ بأن اليد كانت للمعزول. ولو كان المال في يد المعزول يُقبل إقراره فيه، فكذا إذا كان في يد مُودِعِه، لأن يد المودَع كيد المودِع.

(وَيُقْرِضُ) القاضي (مَالَ اليَتِيمِ) وكذا مال الغائب، لأنّ في إقراضه مصلحةً لليتيم ونحوه، وهي بقاء ماله محفوظاً، ويكتب الصَّكُّ تذكرةً للحقّ. قيّد بالقاضي، لأن الوصيّ لا يقرض مال اليتيم لعجزه عن الاستخلاص، فربّما يجحد (١) المستقرض ولا يجد شهوداً يوافقونه على أداء الشهادة، ولو وَجَدَ فلا كلّ بيّنة تُعَدَّل،


(١) في المطبوع: يجد، والمثبت من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>