للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلا يَحْضُرُ دَعْوَة إِلَّا عَامَّةً.

وَيُسَوِّي بَين الخَصْمَيْنِ جُلُوسًا وَإقْبَالًا، وَلا يُسَارُّ أَحَدَهُمَا، ولا يُضِيفُهُ،

===

الخصومة، لأنها حينئذٍ لأجل القضاء فيكون من الرِّشْوَة.

(وَلَا يَحْضُرُ) القاضي (دَعْوَةً) لأحدٍ ولو كان صاحبها ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ من القاضي (إِلاَّ) دعوة (عَامَّةً) لتحقق التهمة في الخاصة وانتفائه في العامة.

وفي «الكفاية»: لو كان صاحب الدّعوة خصماً لا يحضر القاضي دعوته ولو كانت عامة، والخاصة هي التي لو علم صاحبها أنّ القاضي لا يحضرها لا يصنعها. وقيل: ما كانت لغير عُرسٍ أو خِتَانٍ، والعامة خلافها. وأجاز له محمد حضور دعوة قريبه الخاصة كالعامة، وعيادة المريض وشهادة الجنائز إذا لم يكن لهم ولا عليهم دعوى. وأبو حنيفة وأبو يوسف منعاه منها لمكان التهمة.

(وَيُسَوِّي) القاضي (بَيْنَ الخَصْمَيْنِ جُلُوساً) بين يديه غير متربِّعَين ولا مُقْعِيَيْنِ (١) ولا مُحْتَبِيَيْنِ (٢) ويكون بينهما وبين القاضي قدر ذراعين، ولا يُقْعِدُ أحدهما من الجانب اليمين والأخر من الجانب اليسار، لأنّ جانب اليمين أفضل والقلب إليه أميل. يفعل ذلك مع الشريف والضعيف والأب والابن والخليفة والرَّعية.

وإذا سوّى بينهما وحكم بالحقّ ولكنه يجد في قلبه الميل إلى أحدهما فلا بأس به، لأن ذلك لا قدرة له عليه كما في القَسْم بين النِّساء (وَإِقْبَالاً) أي توجّهاً والتفاتاً لقوله عليه الصلاة والسلام: «من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فَلْيُسوِّ بينهم في المجلس في الإشارة والنظر، ولا يرفع صوته على أحد الخصمين أكثر من الآخر». رواه إسحاق بن رَاهُويه في «مسنده» من حديث أم سلمة. وأخرجه الدَّارَقُطْنِيّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «من ابتُلِيَ بالقضاء بين المسلمين فليعدل بينهم في لَحْظِه وإشارته ومقعده». ورُوِىَ عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري: أن آس (٣) بين الناس في عدلك ووجهك ومجلسك، حتى لا يطمع شريفٌ في حَيْفِكَ (٤) ، ولَا يَيْأَسَ ضعيف من عدلك.

(وَلَا يُسَارّ أَحَدَهُمَا) أي لا يكلّمه سرّاً (ولا يُضِيفهُ) أي لا يصنع القاضي لأحدهما ضيافةً. قيّد بالأحد لأنه لو سارَّهما معاً أو أضافهما معاً لا بأس به، كذا قاله


(١) أقْعَى في جلوسه: جلس على أَلْيتيه ونصب ساقيه وفخِذيه. المعجم الوسيط ص ٧٥٠، مادة: (قعى).
(٢) في المطبوع: مختبئين، والمثبت من المخطوط. ومعنى احْتَبَى: جلس على أَلْيتيه وضمّ فخِذيه وساقيه إلى بطنه بذراعيه ليستنِدَ. المعجم الوسيط ص ١٥٤، مادة: (حبا).
(٣) آسى بينهما: سَوَّى. المعجم الوسيط ص ١٨، مادة: (أسا).
(٤) الحَيْفُ: حاف عليه: جار وظلم. المعجم الوسيط ص ٢١٢، مادة: (حاف).

<<  <  ج: ص:  >  >>