للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلا يُوَكِّلُ وَكِيلٌ وَكِيلًا، إِلّا مَنْ فَوِّضَ إِلَيهِ ذَلِكَ، فَفِي المُفَوَّضِ نَائِبُهُ لا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ وَمَوْتِهِ مُوَكَّلًا، بَلْ هُوَ نَائِبُ الأَصلِ، وَفِي غَيرِهِ إِنْ فَعَلَ نَائِبُهُ عِنْدَهُ، أَوْ أَجَازَ هُوَ، أَوْ كَانَ قَدَّرَ الثَّمَنَ، وَبـ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ، يُوَكِّلُ.

والقَضاءُ فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ عَلَى خِلافِ مَذْهَبِهِ، نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا، لا يَنْفُذُ.

===

رَضِيَ بقضائه دون غيره (وَلَا يُوَكِّلُ وَكِيلٌ وَكِيلاً) لأن الموكِّل إنما رضي بتصرّفه دون غيره (إِلاّ مَنْ فُوِّضَ إِلَيْهِ ذَلِكَ) أي إلاّ القاضي المفوَّض إليه الاستخلاف، والوكيل المفوَّض إليه التوكيل، بخلاف المأمور بإقامة الجمعة، فإنه يجوز له الاستخلاف فيها، وإن لم يُفَوَّض إليه ذلك، لأنّه لما فَوِّضَ إليه الجمعة مع علمه أن العوارض المانعة من إقامتها قد تعتريه ولا يمكن انتظار إذن الإمام الأعظم لضيق الوقت، كان الإذن بإقامتها إذناً بالاستخلاف فيها دلالة.

(فَفِي المُفَوَّضِ) إليه الاستخلاف والتوكيل (نَائِبُهُ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ وَمَوْتِهِ مُوَكَّلاً) في «شرح الوقاية»: إنما قال مُوَكَّلاً، لأن في الوكالة ينعزل الوكيل بموت مُوَكِّلِهِ، فأراد أن يصرّح بأن الوكيل ههنا لا ينعزل بموت مُوَكِّلِهِ، لأنه في الحقيقة ليس نائبه بل هو نائب الأصل. أمّا في القضاء فلأنّ النائب لا ينعزل بموت المَنُوب، فخَصَّ الموكِّل بالذكر للاشتباه، ولا اشتباه في باب القضاء فلم يذكره. (بَلْ هُوَ نَائِبُ الأَصْلِ) إلاّ أنه في التوكيل ينعزل بموت الأصل، وفي القضاء لا ينعزل. وقال الشَّافعيّ وأحمد: إذا عَزَلَ القاضي المُفَوَّض إليه نائبَه ينعزل، لأنه كوكيله، والمُوَكِّل يملك عزل وكيله. ولنا: أنه لمّا صحّ الاستخلاف من جهة الإمام كان نائباً عن الإمام، ولم يملك المفوَّض إليه عزله إلاّ أن يقول الإمام: وَلِّ من شئت واستبدل من شئت.

(وَفِي غَيْرِهِ) أي غير المفوَّض (إِنْ فَعَلَ نَائِبُهُ عِنْدَهُ) أي بحضرته (أَوْ أَجَازَ هُوَ) ما فعل نائبه في غيبته (أَوْ كَانَ) المُوَكَّل الأوَّل (قَدَّرَ الثَّمَن) في الوكالة صحّ. أمّا إذا فعل بحضوره ففعله ينتقل إليه، وأمّا إذا أجاز فعلَه فلأنه صار كأنه فعله. وأمّا إذا فعل بالثمن الذي قدَّر الأول فلحصول المقصود باستعمال رأيه في تقدير الثمن (وَبـ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ يُوَكِّلُ) الوكيل لإطلاق التفويض إلى رأيه.

(والقَضاءُ) أي قضاء القاضي (فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ عَلَى خِلَافِ مَذْهَبِهِ) أي (رأيه) (١) (نَاسِياً أَوْ عَامِداً لا يَنْفُذُ) عند أبي حنيفة ومحمد، وبه قال مالك والشّافعيّ وأحمد، وعليه الفتوى، لأنه زاعِمٌ فساد قضائه فيؤاخذ بزعمه. وقال أبو حنيفة: إن كان


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>