للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعَلَى وِفَاقِهِ يُجْعَلُ المُخْتَلَفُ فِيهِ مُجْمَعًا عَلَيهِ، فَإنْ عُرِضَ عَلَى آخَرَ يُمْضِهِ، إلَّا فِيمَا خالَفَ الكِتَابَ، أو السّنَّةَ المَشْهُورَةَ، أَوْ الإِجْمَاعَ.

===

ناسياً يَنْفُذ، وإن كان عامداً ففيه روايتان. ووجه النَّفاذ أنه ليس خطأ بيقين، لأن كل مجتَهِد لا يُقطع بصواب اجتهاده، وبه كان يُفْتِي الصدر الشهيد والمَرْغِينَانِيّ. وفي «الذَّخيرة»: الخلاف في نفاذ القضاء، وقيل: في حِلِّ الإقدام عليه.

وقال بعض المحققين: والوجه في هذا الزمان أن يُفْتى بقولهما، لأن التارك لمذهبه عمداً لا يفعله إلاّ لهوى باطلٍ لا لقصدٍ جميلٍ، وأمّا النَّاسي فلأَنّ المقلِّد ما قلّده إلاّ ليحكم بمذهبه لا بمذهب غيره، وهذا كله في القاضي المجتهد، وأمّا المقلِّد فإنما ولاّه ليحكم بمذهب أبي حنيفة مثلاً، فلا يمكن المخالفة فيكون معزولاً بالنسبة إلى ذلك الحكم.

(وَعَلَى وِفَاقِهِ) أي القضاء على وِفَاق رأي القاضي (يُجْعَلُ المُخْتَلَفُ فِيهِ مُجْمَعاً عَلَيْهِ) لأنّ الخلاف الموجود قبل القضاء يرتفع (به كما يرتفع) (١) بإجماع العلماء على قولٍ بعد اختلافهم على قولين في العصر الذي قبله.

(فَإِنْ عُرِضَ عَلَى) قاضٍ (آخَرَ يُمْضِهِ) سواء كان على رأيه أو على خلافه، لأن القضاء متى لاقى مُجْتَهداً فيه يَنْفُذُ ولا يُنْقض باجتهادٍ آخر، لأنّ اجتهاد الثاني كاجتهاد الأول، وقد ترجَّح الأول باتصال القضاء به فلا يُنقض بما دونه. وشرطه أن يكون القاضي عالماً باختلاف العلماء حتّى لو قضى في فصلٍ مُجْتَهدٍ فيه وهو لا يعلم بذلك لا يجوز قضاؤه عند عامتهم، ولا يمضيه الثاني، كذا في «النهاية» عن «المحيط». وقال شمس الأئمة: إنه ظاهر الرواية.

(إلاّ فِيمَا خالَفَ الكِتَابَ) أي ظاهره (أوْ السّنَّةَ المَشْهُورَةَ) أي ما قاربت المتواترة (أَوْ الإِجْمَاعَ) أي اتفاق الأئمة، فإنه لا يَنفُذُ قضاؤه ولا يُنْفِذُ قاضٍ آخر له، لأنه يكون حكماً بلا دليل فيكون باطلاً ولا يعود بالتنفيد صحيحاً. فَمُخالفُ الكتابِ. كالحكم بحلِّ متروك التسمية عمداً، ومخالف السنة المشهورة: كالحكم بحلِّ المطلّقة ثلاثاً بمجرد عقد الزوج الثاني، ومخالف الإجماع: كالحكم ببطلان قضاء القاضي في المجتهدات. والمراد بالإجماع: ما ليس فيه خلاف يَستند إلى دليلٍ شرعيّ (وعُدَّ من ذلك: القضاء بشاهدٍ ويمينٍ) (٢) وبصحة نكاح المتعة، وبعدم وقوع الطلاق الثلاث جملةً، وبعدم وقوع الطلاق على حُبْلى أو حائض أو قبل الدّخول، وبيع أمّ الولد (٣) من


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٣) سبق شرحها ص (١٣)، التعليقة رقم: (٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>