للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلا يَقْضي عَلَى غَائِبٍ إِلَّا بِحَفْرَةِ نَائِبِهِ حَقِيقَةً أَوْ شَرْعًا، كَوَصِي القَاضِي، أَوْ حُكْمًا، بأنْ كَانَ مَا يَدَّعِي عَلَى الغَائِبِ، لا مَحَالَةَ، سَبَبًا لِمَا يَدَّعِي عَلَى الحَاضِرِ، لا إنْ كَانَ شَرْطًا.

===

الله وجهه وأقام شاهدين فقضى عليّ بالنكاح بينهما. فقالت المرأة: إن لم يكن بدّ يا أمير المؤمنين فزوِّجني منه، فإنه لا نكاح بيننا. فقال عليّ: شاهِداكِ زوَّجاكِ. فقد طلبت منه أن يعفّها عن الزِّنَا بأن يعقد النكاح بينهما فلم يُجِبْها إلى ذلك، ولو لم ينعقد العقد بينهما بقضائه لما امتنع من تجديده عند طلبها ورغبة الزوج فيها، وإنما لم يجبها لذلك لترجيح قول الشهود على قولها واتهامها بالكذب (١) ، إذ مثله لا يقضي إلاّ بشهودٍ عدولٍ.

ولهم قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّام لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٢) فقد نهى الله عن أكل مال الغير بالباطل محتجّاً بحكم الحاكم، فهو تنصيصٌ على أنه وإن قضى القاضي له بالشراء بشهادة الزُّور لا يحلّ له تناوله، ويكون ذلك منه أكلاً بالباطل. وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما أنا بشرٌ وإنكم تختصمون إليّ ولعلّ بعضكم أن يكون ألحن بحجّته من بعضٍ، فاقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيتُ له بشيءٍ من حقّ أخيه فلا يأخذنَّه، فإنما أَقْطَعُ له قطعةً من نارٍ». متفقٌ عليه.

(وَلَا يَقْضِي) القاضي (عَلَى غَائِبٍ) لما سبق (إِلاّ بِحَضْرَةِ نَائِبِهِ حَقِيقَةً) وهو وكيله (أَوْ) نائبه (شَرْعاً كَوَصِي القَاضِي أَوْ) نائبه (حُكْماً بأنْ كَانَ مَا يَدَّعِي عَلَى الغَائِبِ لَا مَحَالَةَ) أي بيقين (سَبَباً لِمَا يَدَّعِي عَلَى الحَاضِرِ) كما لو ادّعى عيناً في يد غيره أنه اشتراها من فلانٍ الغائب، وأقام البيّنة على ذي اليد بعد إنكاره، وقضى به. ثم حضر الغائب وأنْكر، لا يُلْتَفَتُ إلى إنكاره. وأمّا احتمال السببية، كما إذا قال لامرأةٍ: إنّ زوجك الغائب وكَّلَنِي بأن أحملك إليه فأقامت البيّنة أنّه طلّقها ثلاثاً، فإنه لا يقضي بالطلاق على الغائب، لأنه يحتمل أن يكون وكيلاً بالحمل بعده (في العدّة) (٣) وأن يكون وكيلاً بالحمل قبله، فلما كان سبباً من وجه (دون وجهٍ) (٤) يقضي بقصر يد الوكيل ولا يقضي بالطلاق، كذا في «الفصول العِمَادية».

(لَا) أي لا يكون الحاضر نائباً عن الغائب (إنْ كَانَ) ما يَدَّعِي على الغائب (شَرْطاً)


(١) في المطبوع: الكتاب، والمثبت من المخطوط.
(٢) سورة البقرة، الآية: (١٨٨).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>