(مَنْ صَلَحَ قَاضِياً) لأن المحكِّم بينهما بمنزلة القاضي، فيُشْتَرَطُ فيه ما يُشْتَرَط في القاضي. ويُشْتَرَطُ في نفوذ حكمه أن يكون (في غَيْرِ حَدّ وَقَوَدٍ) لأنه لا ولاية لهما على دمهما، ولهذا لا يملكان إباحته، فلا يصحّ تحكيمهما فيه. والحدود بمنزلة (الدم)(١)(وَلَزِمَهُمَا حُكْمُهُ) إذا حكم بالبيّنة أو الإقرار أو النُّكول، لأنه صدر عن ولاية شرعية عليهما. ثم بالعزل لا يبطل حكمُه كالقاضي (وَإِخْبَارُهُ) أي وصحّ إخبار الحكم (بِإِقْرَارِ أحَدِهِمَا) بأن يقول: إنك أقررت عندي بكذا، ذكره في «الخِزَانة»(وَبِعَدَالَةِ شَاهِدٍ) بأن يقول: قام عليك بيّنةٌ لهذا بكذا، وعُدِّلُوا عندي وقد حكمت عليك به لهذا. وإنما يلزمهما إخباره بذلك (حَالَ وِلَايَتِهِ) فإن إخباره حال ولايته قائمٌ مَقَام شهادة رجلين. قيل: ولكن لا يُفْتَى به لئَلا تَذهب مهابةُ منصب القضاء. أمّا لو أخبر بذلك حال عزله فلا يصدَّق لانقضاء الولاية.
(وَلِكُلَ مِنْهُمَا) أي المُحَكَّمين. (أَنْ يَرْجِعَ) عن تحكيمه (قَبْلَ حُكْمِهِ) أي حكم الحاكم، لأنه مقلَّد من جهتهما، فكان لهما عزلُه قبل أن يحكم بينهما، كما أن المقلَّد من جهة الإمام له أن يعزله قبل أن يحكم بين الناس. (فَإِنْ رَفَعَ حُكْمَهُ إلى قَاضٍ أَمْضَاهُ إن وَافَقَ مَذْهَبَهُ) إذ لا فائدة في نقضه ثم إبرامه. أمّا لو خالفه، فلم يُمْضِهِ إن شاء، بخلاف حكم القاضي إذا خالف مذهب قاضٍ ورُفِعَ إليه، حيث يمضيه وجوباً، لأنّ القاضي المُوَلَّى من جهة الإمام له ولاية على الناس، فكان قضاؤه حجّة على الكلِّ بخلاف المُوَلَّى من الخصمين، فإنه لا ولاية له على غيرهما. وفائدة إمضاء القاضي حكم الموافق لمذهبه أن لا يكون لقاضٍ آخَر يرى خلافه نَقْضُه إذا رُفِعَ إليه، لأن إمضاءه بمنزلة قضائه ابتداءً.
(وَلَا يَصِحُّ القَضَاءُ) توليةً وتحكيماً (وَ) لا (الشَّهَادَةُ لِمَنْ بَيْنَهُمَا وَلَاءٌ أوْ زَوْجِيَّةٌ) للتُّهْمَةِ. وأما لو كان القضاء والشهادة عليهم صحّا لعدم التُّهْمَة.
(وَصَحَّ الإِيصَاءُ بِلَا عِلْمِ الوَصِيِّ لَا التَوْكِيلُ) بلا علم الوكيل. فلو باع الوصيّ