للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وللقَوَدِ وباقي الحدود: رجلان، وللبَكَارة، والولادة، وعيوبِ النساء - فيما لا يَّطلع عليه الرجالِ -: امرأَةٌ.

===

عَلَيْهنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} (١) والتاءُ لا تدخلُ على العدد إِلا إِذا كان معدُودُه مذكَّراً. وعن عطاء وحمَّاد: لو شهد ثلاثةُ رجال وامرأَتان في الزنا قُبِلوا لإطلاق قوله تعالى: {أَربعةً منكم}.

ولنا ما روى ابن أَبي شيبة في «مصنفه» عن حفص عن حجاج عن الزُّهري أَنه قال: مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين من بعده أَنه لا تجوز شهادة النساء في الحدود.

والحاصل:

أَنْ الله سبحانه يحبُ السِّتر على عباده ولا يرضى بإِشاعة الفاحشة، ولهذا جعل النسبة إِلى هذه الفاحشة في الأَجانب موجِبةً للحدّ، وفي الأزواج موجِبة للِّعان، بخلاف سائر الفواحش ليستر بعضهم على بعض.

(و) نصابها (للقَوَدِ وباقي الحدود رجلان) لقوله تعالى: {واسْتَشْهِدُوا شَهِيْدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (٢) مع ما روينا عن الزُّهري. وقال الحسن البصري: لا يُقبل في القتل إِلا أَربعةٌ كالزنا.

(و) نصابها (للبَكَارة، والولادة، وعيوبِ النساء ـ فيما لا يَطلع عليه الرجال ـ: امرأَةٌ) والأَصل في ذلك قوله تعالى: {ولا يَحِلُ لِهنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ في أَرْحَامِهِنَّ} (٣) . وقال الشافعي: يشترط الأربع، وهو قول عطاء، لأَن كلَّ امرأَتين مقام رجل واحد، والحجة (شهادة) (٤) رجلين لا رجل واحد. وقال مالك: يشترط اثنتان، وهو قول الثوري، لأَنه لما سقط اعتبارُ الذكورة بقي العدد معتبراً.

ولنا ما رواه مُجَاهد، وسعيد بن المسيَّب، وابن جُبَيْر، وعطاء، وطاوس، عنه عليه الصلاة والسلام أَنه قال: «شهادةُ النِّساء جائزةٌ فيما لا يستطيعُ الرجال النظر إِليه» (٥) . وما روى عبد الرزاق في «مصنفه» عن ابن جُريج وعن الزهري أَنه قال: مضت السنة أَنه تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن من ولادات النساء وعيوبِهِنَّ. ووجه الدلالة أَنْ النِّساء جمعٌ مُحلى باللام من غير عهد، فيكون للجنس، فيَصْدُق بالأقلّ كما في قوله تعالى: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} (٦) فيتناولُ الأَقلَّ.

وما روى أَيضاً في «مصنفه» عن إِبراهيم بن أَبي يحيى، عن إِسحاق، عن


(١) سورة النساء، الآية: (١٥).
(٢) سورة البقرة، الآية: (٢٨٢).
(٣) سورة البقرة، الآية: (٢٢٨).
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٥) رواه محمد بن الحسن في "الأصل" بسنده عن مجاهد وسعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح. انظر بُغْية الأَلمعي ص ٥١، كتاب الشهادات. (وهو مطبوع في آخر المجلد الرابع من "نصب الراية").
(٦) سورة الأحزاب، الآية: (٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>