للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأَقْلَفِ، والخَصيّ وَوَلدِ الزِّنَا، والعُمَّالِ،

===

(و) تقبل من (الأَقْلَفِ) وهو الذي لم يُختن، لأَن ذلك لا يُخل بالعدالة، وهذا إِذا كان عن عذر، وهو الكِبَر وخوفِ الهلاك، وأَما إِذا كان من غير عذر فإِن شهادَته لا تُقبل، لأَنه مُسْتَخِفٌّ بالخِتَان، ومع الاستخفاف به لا يكون عدلاً.

ثم الخِتَانُ للذكور واجبٌ عند الشافعي وأَحمد. وعندنا وعند مالك سنة، وهو قول الشافعي. ولم يقدِّر أَبو حنيفة مُدَّته بشيء، لأَن التقديرَ لم يرد في الكتاب ولا في السُّنة. وطريقُ معرفةِ التقادير السماعُ. وقدّرها المتأَخرون بسبع سنين إِلى عشر. وقيل: اليوم السابع من ولادته، أَوْ بعد السابع إِنْ احتمل الصبي ذلك. وعند بعض أَصحاب الشافعي لا يُختن حتى يصيرَ ابنَ عشر.

(و) تقبل من (الخَصِيّ) لما روى ابن أَبي شيبة في «مصنفه» عن ابن عُلَيّة، عن ابن عوف، عن ابن سيرين: أَنْ النبي صلى الله عليه وسلم أَجاز شهادةَ علقمة الخَصِيِّ على ابن مظعون. وفي «حلية أَبي نُعيم»: حدثنا إِسماعيل بن مسلم، عن أَبي المتوكل بن الجارود، عن أَبيه: أَنه شهد على قُدَامة أَنه شرب الخمر. فقال عمر: هل معك شاهد آخر؟ قال: لا، قال: يا جارود ما أَراك إِلا مجلوداً. قال: يشربُ ختنُك الخمرَ وأُجلد أَنا فقال علقمة الخَصِيُّ لعمر: أَتجوز شهادة الخَصِي؟ قال: وما بال الخَصِيِّ لا تقبل شهادته. قال: فإِني أَشهد أَني رأَيته يَتَقيَّؤُها، فقال عمر: ما قاءها حتى شربها، فأَقامه ثم جلده. كذا رواه الشارح مرسلاً. وروى غيره عن عمر موقوفاً. ولأَنه قُطع منه عضو ظلماً، فصار كما لو قطعت يده.

(و) تقبل من (ولد الزنا) لأَن فِسق الوالدين (لا يوجب فِسق الولد) (١)، ككفرهما. وأَما حديث: «ولد الزنا شر الثلاثة»، فباطل لا أَصل له، وعلى تقدير ثبوته يُحمل على غالب حاله. وقال مالك: لا تقبل شهادته في الزنا للتهمة، لأَنه يحب أَنْ يكون غيرُه مثله. وأُجيب بأَن العدل لا يحب ذلك والكلام فيه.

(و) تقبل من (العمال) أَي عمال السلطان، وهم الذين يأْخذون الحقوقَ الواجبة: كالخَراج، والجِزْية، والصدقات، لقوله تعالى: {والعَامِلِيْنَ عَلَيْهَا} (٢)، ولأَن بعض الصحابة كانوا عُمَّالاً، لأَن العمل ليس بفسقٍ، وإِنما الفسقُ الظلم. وقيل: هم الأُمراء.

وفي «شرح الوافي»: هذا في زمانهم، لأَن الغالبَ عليهم الصلاح، وأَما في


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) سورة التوبة، الآية: (٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>