للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ على الشَّهَادةِ إِلا في حَدٍّ وقَوَدٍ. وشُرِطَ لها تعذُّر حُضُورِ الأصل بموتٍ، أَو مَرَضٍ، أَو سَفَرٍ، وشهادةُ عددٍ عن كُلِّ أَصل.

لا تَغَايُر فَرْعَي هذا وذَاك. ويقول الأصل: اشْهَدْ على شَهَادَتِي أَنِّي أَشهدُ بكذا،

===

(وتُقبل الشهادة على الشهادة إِلا في حَدَ وقَوَدٍ). وقال مالك: تُقبل في كل الحقوق، وبه قال الشافعي في الأصح، لأَن الفروعَ عدول نقلوا شهادةَ الأصول، فالحُكْم بِشَهادةِ الأصول. وصار الفروع كالتُّرجُمَان. ولنا أَنْ القياس أَنْ لا تجوز الشهادة على الشهادة، لأَن الأخبار إِذا تداولَتْها الألسنة، تمكّن فيها شبهةُ النقصان والزيادة، وإِنما جَوَّزْنَاها استحساناً لحاجة الناس، وإِنما لا يجوز في حدَ وقَوَدٍ لأَنهما يُدْرآن بالشبهة. وفي الشهادة على الشهادة شبهة من حيث البَدَليّة. وأَجازها مالك والشافعي فيهما، نظراً لحقِّ العبد.

(وشُرِطَ لها) أَي للشهادة على الشهادة (تعذُّر حضور الأصل بموتٍ أَوْ مَرَضٍ) لا يستطيع معه الحضور إِلى مجلِسِ القضاء (أَوْ سفرٍ) مسيرة ثلاثة أَيام فصاعداً، لأَن جَوَازها للحاجة. وهي عند عجز الأصل، وهو يتحققُ بهذه الأشياء. وعن أَبي يوسف: أَنه إِنْ كان في مكان لو غَدَا لأداء الشهادة لا يَستطيع أَنْ يبيتَ في أَهله، صح الإِشهادُ إِحياءً لحقوق العباد ودفعاً للحَرَجِ عن الشاهد، لأَن في بيتوتتهِ عند غير أَهله حرجاً في حقه، وبه قال الشافعي في قول وأَحمد في رواية، وأَخذ به أَبو الليث وكثيرٌ من المشايخ، وذكره محمد في «السِّير الكبير». وفي «الذخيرة» عن محمد: أَنه يجوز كيف ما كان حتى لو كان الأصلُ في زاوية المسجدِ والفرعُ في زاوية أَخرى من ذلك المسجد تُقبل.

(و) شُرط (شهادةُ عدد) رجلين أَوْ رجل وامرأَتين (عن كل أَصل) لما روى عبد الرزاق في «مصنفه» عن علي أَنه قال: لا يجوز على شهادة الميت إِلا رجلان. ولفظ «الهداية» عن علي: لا تجوز على شهادة رجل إِلا شهادة رجلين. وما روى ابن أَبي شيبة في «مصنفه» عن الشَّعبي أَنه قال: لا تجوز شهادةُ الشاهِدِ على الشاهد حتى يكونا اثنين.

(لا) أَي لا يُشترط (تَغَايُر فرعي هذا) الأصل (و) فرعي (ذَاك) الأصل. حتى لو أَشهد أَحد الأصلين على شهادتِهِ شاهدين، وأَشهدهما الآخَرُ بعينِهما على شهادته جاز. وقال الشافعي في وجه: لا يجوز إِلا أَربع على كل أَصل شاهدان. ولا يكفي شهادةُ فردٍ على شهادة أَصل، وشهادة فردٍ آخر على شهادة الأصل الآخر، إِلا على قول الحسن البصري، وعثمان البَتِّي، وابن أَبي ليلى، والعنبري.

(ويقول الأصل) في إِشهاد الفرع: (اشهد على شهادتي أَني أَشهدُ بكذا) لأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>