للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والإقرارُ بدابّةٍ في إِصْطَبلٍ يَلْزمُهَا فقط، وسيفٍ جَفْنُهُ وحَمَائِلُهُ.

وصَحَّ إِقرارُهُ بالحَمْلِ،

===

الحسن، إِذْ العادةُ حاكمةٌ بأَن هذه العبارة يراد بها خمسة وعشرون، فصار للخمسةِ والعشرين عبارتان: إِحداهما وَصْفية والأخرى عُرفية، فيلزم بإِحداهما ما يلزم بالأُخرى. لكنا نقول: إِنْ حسابَ الضرب في الممسوحات لا في الموزونات، مع أَنْ عمل الضرب في تكثير الأجزاء لا في زيادة المال، وخمسة دراهم وزناً وإِن كثرتْ أَجزاؤها، لا تصير أَكثر من خمسة.

وفي «المبسوط»: يلزمه على قول زفر عشرةٌ، لأن «في» بمعنى «مع». قال الله تعالى: {فادْخُلِي في عِبَادِي} (١) فيُحمل على هذا تصحيحاً لكلامه، قلنا: «في» للظرف حقيقةً، والدراهمُ لا تكون ظرفاً للدراهم، وجعلُه بمعنى «مع» مجاز، والمجاز قد يكون بمعنى («مع» وقد يكون بمعنى) (٢) «على»، قال تعالى: {ولأُصَلِّبَنَّكُمْ في جُذوعِ النَّخْلِ} (٣) وليس أَحدهما أَولى من الآخر، فبقي المعتبر حقيقة كلامه، فيلزمه عشرة بأَول كلامه ويلغو آخره.

ولو أَقر بدينٍ لزمه وإِن قال: كنتُ كاذباً في الإقرار ـ لأنه رجوعٌ ـ فلا يصحُ لتعلُّقِ حقِ المُقر له به. ويرى أَبو يوسف تحليفَ المُقَر له على أَنْ المُقِرَّ لم يكن كاذباً فيما أَقر لك به، ولست بمبطلٍ فيما تدعيه عليه، وبه يُفتى لجريان العادة بين الناس أَنهم يكتبون صك الإقرار ثم يأَخذون المال.

(والإقرار بدابّةٍ في إِصْطَبْلٍ) وهو بيت الدواب (يَلْزمُهَا) أَي الدابة (فقط) أَي ولا يلزمُ الإِصطبل وهذا عند أَبي يوسف وأَبي حنيفة، لأن غير المنقولِ لا يُضمن بالغصب عندهما. وعلى قياسِ قولِ محمد أَنه يضمن، ويلزمه الدابة والإِصطبل (وسيف) أَي الإقرار بسيف يلزم (جَفْنه) أَي غِمُد السيف (وحمائله) وهي جمع حِمَالة بكسر الحاء، وهو العِلاقة. وإِنما يلزمه ذلك لأن السيف اسم يطلق على مجموع النَّصْل والجَفْن والحِمَالة.

(وصح إِقراره) أَي الرجل (بالحَمْلِ) بأَن يُقِرَ بحمل جاريةٍ أَوْ شاةٍ لرجل، لأن هذا الإقرار له وجهٌ صحيح، وهو أَنْ يكون أَوصى به رجل ومات، وأَقر وارثه بأَن هذا الحَمل لفلان، فيحمل عليه وإِن لم يُبين السبب، وهذا باتفاق. وقال الشافعي في قولٍ


(١) سورة الفجر، الآية: (٢٩).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٣) سورة طه، الآية: (٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>