لا إِنْ نَكَحَ. ولو أَقر بِبنُوَّة غلام جُهِلَ نَسَبُهُ، ويُولَدُ مِثْلُه لِمِثْلِهِ، وصَدَّقَهُ الغُلامُ، ثَبَتَ نَسَبُه، وشُرِطَ تصديقُ الزَّوْج، أو شَهَادَةُ قابلةٍ في إِقرارها بالولد. ولو أَقر بنسبٍ من غير وِلادٍ، لا يصحُ، ووَرِثُ إِلا مع وارث.
===
(لا إِنْ نَكَحَ) أَي لا يبطل الإقرار لأجنبيةٍ إِنْ نكحها بعد إِقراره لها. وبه قال أَحمد في الأصح، والشافعي في القديم، ومالك. وقال الشافعي في الجديد وأَحمد في رواية: يَبْطُل، لأن اعتبار كونِ الوارثِ وارثاً حالَ الموتِ لا حال الإقرار كالوصية. ولنا: وهو الفرق أَنْ البنوَّة تستند إِلى وقتِ العُلُوْقِ، فتبين أَنه أَقر لابنه فلا يصح، والزوجية تقتصر على زمان التزوج، فكان إِقراره لأجنبية. ويُؤخر الإرث عن الدين المُقَرِّ به في المرض، لقوله تعالى:{مِنْ بعدِ وصيةٍ يُوصَى بها أَوْ دَيْن}(١) ، ولأن قضاءَ الدَّيْنِ من الحوائج الأصلية، لأن به دفع الحائل بينه وبين الجنة العليّة. وحقُ الورثة يتعلق بالتركة بشرط الفَرَاغ عن الحاجة، ولهذا يقدم تجهيزُه وتكفينُه وتدفينُه.
(ولو أَقر) المريضُ أَوْ غيره (ببنُوَّة غلامٍ جُهِلَ نسبه، ويولدُ مِثْلُه) أي مثل الغلام (لمثله) أي لمثل المُقِرِّ، (وصَدَّقه الغلام، ثبت نسبه) وقال مالك: إِنْ تيقَّن الناسُ أَنه ليس ولده لا يثبت، كما إِذا كان الغلامُ سِنْدياً والرجل فَارِسياً. ولنا: أَنَّ النسبَ يُحتالُ لإثباته، فيثبت إِذا أَمكن، وفي هذه الصورة يُمكن. قيد بمجهولِ النَّسَبِ، لأن معرفته تمنعُ ثبوتَه من غيره. وبكونه يولد مِثلُهُ لِمِثْلِهِ لئلا يكون مكذباً في الظاهر. وبتصديق الغلام، لأن المسأَلة في غلام يُعبر عن نفسه، فلا بد من تصديقه، لأنه في يد نفسه، حتى إِذا كان صغيراً لا يعبر عن نفسه فلا يعتبر تصديقه. كذا في «الكافي» و «الهداية» وغيرها. وإِذا ثَبَتَ نسبُه شارَكَ الورَثة في الميراث، لأن ذلك من ضرورات ثبوت النسب.
(وشُرِطَ تصديقُ الزَّوْج) امرأَته أَوْ معتدته (أَوْ شَهَادَةُ قابلةٍ في إِقرارها) أَي المرأَة (بالولد) لأن إِقرار المرأَة لا يُقبل على الزوج، فلا بُد من تصديقهِ. وقول القابلة حجة في تعيين الولد. والنسب يثبت بالفراش. (ولو أَقر بنسبٍ من غير وِلَادٍ) أَي أُبَّوة أَوْ بُنُوة، كإِن أَقر بأَخ أَوْ عم (لا يصحُ) إِلا بالبيِّنة، لأن فيه حَمْلَ النَّسَبِ على الغير.
(ويَرِثُ إِلا مع وارث) معروف قريب أَوْ بعيد، فإِنه أَولى بالميراث من المُقَرِّ له، لأنه لما لم يثبتْ نسبُهُ منه لم يزاحم الوارثَ المعروف النَّسبِ. وإِن لم يكن له وارثٌ استحقّ المُقَرِّ له ميراثه. لأن للمُقِر ولايةَ التصرُّفِ في مال نفسه عند عدم الوارث. أَلا ترى أَنْ له أَنْ يوصي بجميع ماله، فكذا له أَنْ يجعله لهذا المُقَرِّ له.