وسَقَطَ دَعْوَى المِلْكِ المُطْلقِ، إِنْ بَرْهَنَ ذو اليد أَنَّ المُدَّعَى وَدِيعَةٌ، أَو عَاريَّةٌ، أَو رَهْنٌ، أَو مُؤجرٌ، أَو مغصوب من زيد.
وحُجَّةِ الخَارِجِ في المِلكِ المُطْلَق أَحق من حُجَّة ذِي اليد، وإنْ وقَّتَ أَحَدُهُما فقط.
===
الحياة) أَي حياتهما، لأن يدَ الحر أَقوى، فإِنها يد مِلكٍ بخلاف يد العبد (وللحيّ) منهما (بعد الموت) أَي موت أَحدهما، لأنه لا يد للميت، فَخَلَت يد الحي عن المعارِض (وسَقَطَ دعوى المِلك المُطلق) أَي اندفعت خصومةُ مدَّعيه في العين القائمة (إِنْ بَرْهَنَ ذو اليد أَنْ المُدّعَى) ـ بفتح العين ـ (وديعةٌ، أَوْ عاريّة، أَوْ رهن، أَوْ مُؤجَر، أَوْ مغصوب من زيد) وبه قال مالك وأَحمد والشافعي في الأظهر. وقال ابن شُبْرُمة: لا يسقط، وبه قال الشافعي أَيضاً، لأنه تعذَّر إِثبات المِلك للغائبِ لعدمِ الخصم عنه وسقوط الدَّعوى، وهو رَفْع الخصومة بناء عليه.
ولنا: أَنه يثبت ببيِّنته أَنّ العينَ وصلت إِليه من يد الغائب، وأَنّ يدَه ليست يد خصومة، فصار كما لو أَقر المُدَّعي بذلك، أَوْ أَثبتَ ذو اليد إِقراره به. قيدنا بكون العين قائمة في يد المُدَّعى عليه لأنها لو كانت هالكة، لا تندفعُ الخصومة بهذه الدعاوى. وقيد بالوديعة وأَخواتها لأنه لو برهن على أَنه مبيعٌ له من الغائب لم تندفع الخصومة، لأنه لما زعم أَنْ يدَه يدُ مِلْك اعترف بكونه خصماً، وتُسمَّى هذه المسأَلة مخَمَّسَة كتاب الدَّعوى، لأن فيها خمس صور من دعوى الوديعة والعاريّة وغيرهما. وقَيَّد بدعوى الملك المطلق، لأنه لو قال: غَصَبَه مني، وقال ذو اليد: أودَعَنيِه فلان، وبرهن على ذلك، لا تندفع الخصومة، لأن ذا اليد هنا خَصْمٌ باعتبار دعوى الفعل عليه، وفيه لا يمكنه الخروج عن الدعوى بالإحالة على غيره.
(وحُجة الخارج) اليد (في المِلك المطلق أَحقُّ) وأَولى (من حُجة ذِي اليد) وبه قال أَحمد. وقال مالك والشافعي: حُجَة ذي اليد أَحق لاعتِضَادِهَا باليد.
ولنا: أَنْ البيِّنةَ شُرعت للإثبات، وبينةُ الخارج أَكثر إِثباتاً، لأنه لا مِلك له على المُدَّعَى بوجه، وذو اليد له ملك عليه باليد، فكانت بينته أَقل إِثباتاً من بينة الخارج. قيد بالمطلق لاستوائهما في المقيد بالسبب، وهذا إِنْ وقَّتا أَوْ لم يوقِّتا باتفاق (وإِن وقَّت أَحدهما فقط) فعند أَبي حنيفة ومحمد. وقال أَبو يوسف: وهو رواية عن أَبي حنيفة: حُجة ذي اليد الموقَّت أَولى من حُجَةِ الخارج الذي لم يوقِّت، لأن من وقَّت