للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو بَرْهَن خارجانِ، قُضِيَ لهما نِصْفَيْن، ولو بَرْهَنَ خارِجانِ في نِكَاحٍ سقطا، وهي لِمَنْ صدَّقَتْهُ، فإن أُرِّخا، فالسابقُ أَحقُّ.

وإنْ أَقَرَّتْ لِمَنْ لا حُجَّةَ له، فهي له، فإن بَرْهَنَ الآخَرُ قُضِيَ له، وإنْ بَرْهَنَ أَحَدُهُما وقُضِي له، ثم بَرْهَنَ الآخَرُ، لم يُقْض له،

===

أَولى مِمَّنْ لم يوقِّت، كما في دعوى الشراء إِذا أُرِّخت إِحدى البينتين ولم تُؤرخ الأخرى.

(ولو بَرْهَن خارجان) على عين في يدِ غيرهما: كل منهما يَزعم أَنها له، ولم يذكرا سببَ الملك ولا تأرِيخهِ (قُضِيَ لهما) بذلك المُدَّعَى (نِصْفَيْن) لعدم أَولوية أَحدهما على الآخر. وقال مالك في رواية، والشافعي في القديم، وأَحمد في رواية: تساقطت البينتان، لأنها تعارضتا ولا مرجح لأحدهما، فصارتا كالدليلين إِذا تعارضا من غير ترجيح. وعن الشافعي: يُقْرِعُ بينهما، لما روى الطبراني في «معجمه الأوسط» من حديث سعيد بن المسيَّب عن أَبي هريرة أَنْ رجلين اختصما إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء كل واحدٍ منهما بشهودٍ عدولٍ في عدةٍ واحدة، فساهم بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «اللهم اقض بينهما». ورواه عبد الرزاق في «مصنفه» مرسلاً.

ولنا ما روى ابن أَبي شيبة في «مصنفه» عن أَبي الأحوص، عن سِمَاك، عن تميم ابن طَرَفَة: أَنْ رجلين ادَّعيا بعيراً فأَقام كلُ واحدٍ منهما البينةَ أَنه له، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم به بينهما. وما أَخرجه أَبو داود في «سننه»، وأَحمد في «مسنده»، والحاكم في «مستدركه» ـ وقال: صحيح على شرط الشيخين، وقال المنذري: رجالُ إِسناده كلُّهم ثِقات ـ عن هَمَّام، عن قَتَادة، عن سعيد بن أَبي بُرْدة، عن أَبيه، عن جده أَبي موسى الأشْعري: أَنّ رجلين ادّعيا بعيراً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث كل واحد منهما بشاهدين، فقسم النبي صلى الله عليه وسلم بينهما نصفين. وحديث القُرْعة كان في الابتداء ثم نُسِخَ. بَيَّنَ ذلك الطحاوي.

(ولو بَرْهَنَ خارِجانِ في نكاح) بأَن ادّعى كل واحد نكاح امرأَة وأَقام عليه بينة (سقطا) ولم يقض بواحدةٍ من البينتينِ لِتعذُّر العمل بهما، لأن المحلَ لا يقبلُ الاشتراك (وهي) أَي المرأَة (لمن صدَّقته) لأن النِّكاح مما يُحكم فيه بتصادق الزوجين. قيد بالخارجين لأن اليد على المرأَة بالدخول بها أَوْ بنقلها دليلٌ على سبْقِ العقد عليها، وهذا إِذا لم تُؤرَّخ البينتان (فإِن أُرِّخا، فالسابقُ) تاريخاً (أَحقُّ) بالمرأَة، لأن الثابتَ بالبينة كالثابت بالمُعاينة (وإِنْ أَقرت) المرأَة بالزوجية (لِمَنْ لا حُجَة له فهي له) لتصادُقهما على النكاح، وهو يثبتُ بتصادق الزوجين عليه.

(فإِن بَرْهَنَ الآخر) أَي الذي لم تُقّر له (قُضِيَ له) لأن البينةَ أَقوى من الإقرار (وإِنْ برهن أَحدهما) على امرأَة أَنها زوجته (وقُضِى له، ثم برهنَ الآخَر لم يُقْض له)

<<  <  ج: ص:  >  >>