وكذا الغَصْبُ والوَدِيْعَةُ. ولا يُرَجَّحُ بِكَثْرَةِ الشُّهُودِ.
ولو ادّعى أَحدُ خَارِجَيِنْ نِصْفَ دَارٍ، والآخَرُ كلَّها، فالرُّبُع للأول. وقالا: الثلثُ، والباقي للثاني، وإن كانت مَعَهُما فهي للثاني: نصفٌ بالقضاء، ونِصْفٌ لا بِهِ.
ولو بَرْهَنَ خَارِجانِ على نتَاج دابَّةٍ وأَرَّخا، قُضِيَ لِمْن وَافَقَ تأْرِيخُهُ سِنَّها،
===
أَنه تزوجها عليه، فليس أَحدهما أَحقّ به من الآخَر، ويُقضى به بينهما، وهذا عند أَبي يوسف. وقال محمد: الشراء أَولى، وعلى الزوج قيمةُ ذلك الشيء (وكذا الغَصْبُ والودِيْعة) سواء. حتى لو كان عينٌ في يد رجل، فأَقام رجلان عليه البَيِّنةَ، أَحدهما بالغصب والآخر بالوديعة، يُقضى بها بينهما نِصفين، لأن الوديعة تصيرُ غصباً بالجحود.
(ولا يُرَجَّح بكثرَةِ الشهُودِ) فلو أَقام أَحد المُدَّعيين أَربعةً والآخر اثنين فهما سواء، لأن كلَّ واحدٍ من البَيِّنتين لا يُوجِب إِلا الظن، وبه قال أَحمد والشافعي في الجديد، ومالك في المشهور. وقال الأوزاعي: يرجح، وهو قول الشافعي في القديم ومالك في رواية، لأن القلب إِليهم أَميل، وعن مالك أَيضاً يُرجّح بزيادة العدالة.
(ولو ادّعى أَحدُ خارجين نِصْفَ دار والآخر كلَّها، فالرُّبُع للأول) عند أَبي حنيفة (وقالا: الثلث) للأول (والباقي للثاني) على القولين. لهما أَنّ مُدعي الكل يدَّعي النصفين والآخر يدّعي النصف الواحد، وليس لشيء واحد ثلاثة أَنصاف، فيُقْسَم بينهما أَثلاثاً على قَدْر حقهما، وهذا طريق العَوْل. ولأبي حنيفة أَنْ مُدعي الكل لا يُنَازِعُه أَحدٌ في النصف، فيُسلم له نصف من غير منازعة، ثم استوت منازعتهما في النصف الآخر، فيكون بينهما، وهذا طريق المنازعة.
(وإِن كانت) الدار (معهما) أَي في أَيديهِمَا، (فهي) كلها (للثاني) وهو مُدَّعي الكل (نصفٌ بالقضاء ونصف لا به) وهو رواية عن أَحمد. وقال مالك والشافعي وأَحمد في رواية: تبقى الدار في يدهما، كما كانت لترجح بينة صاحب اليد باليد.
(ولو برهن خارجان على نَتَاج دابة)(١) تنازعاها، بأَن أَقام كلٌّ منهما بينةً على أَنها نَتَجَتْ عنده (وأَرَّخا، قُضي لمن وافق تأْريخه سنَّها) لأن الحال شهدت له. ولا فرق بين أَنْ تكون الدابة في يدهما، أَوْ في يد أَحدهما، أَوْ في يد
(١) النَّتَاج: نتاج الحيوان: ولده. معجم لغة الفقهاء ص ٤٧٤.