وإن أَشْكَلَ فلهما، وذو اليد المستعملُ، كمن لبَّن، واللابسُ لا آخِذ الكُم، والراكب لا آخذ اللِّجَام، ومَنْ في السَّرْج لا رَدِيفُه، وذوُ الحِمْلِ لا من عَلَّقَ كُوْزَهُ.
ومَنْ اتصَلَ الحائِطُ بِبِنَائِهِ اتصَالَ تَربيعِ، أَو وضع عليه الجِذْعَ،
===
ثالث، لأن الحالَ لا تختلف في ذلك. قيد بالتاريخ لأن النزاع لو كان في النَّتاج من غير تاريخ لكانت الدابةُ لذي اليد، إِنْ كانت في يد أَحدهما. ولهما: إِنْ كانت في يدهما أَوْ في يد ثالث (وإِن أَشْكل) موافقةُ سن الدابة للتاريخين، بأَن لم يتبين موافقتُهُ ولا مخالفته (فلهما) أَي فالدابة لهما، لأن أَحدهما ليس بأَولى بها من الآخر. وهذا إِذا كانت في يد أَحدهما أَوْ كانا خارجين بأَن كانت في يد ثالث.
وإِن كانت في يد أَحدهما قُضِي بها له، لأنه لما أَشْكَلَ الأمرُ سَقَطَ التاريخان، فصار كأَنهما لم يؤرِّخا. ولو خالف سنُ الدابة التاريخين بطلتِ البينتان، لأنه ظَهَرَ كَذِبُ الفريقين، فتُترك في يد من كانت في يده. هكذا ذكر الحاكم وبعض المشايخ، والأصح أَنهما لا تَبْطُلان، بل يُقضى بها بينهما إِنْ كانا خارجين، أَوْ كانت في أَيدهما. وإِن كانت في يد أَحدهما قُضي بها لذي اليد. هكذا ذكر محمد وهو استحسان، ويؤيده رواية جابر بن عبد الله أَنْ رجلين تداعيا دابةً، فأَقام كل واحد البينةَ أَنها دابته نَتَجَتْها، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي هي في يده.
(وذو اليد) هو (المستعملُ، كمن لبَّن) بتشديد الموحدة، أَي ضرب اللَّبن، حتى لو ادعى رجل أَنْ أَرضاً في يده، وادعى الآخر فيها ذلك، ولم يبرهن واحد منهما، ولكن عَمِلَ فيها أَحدهما: بأَن بنى، أَوْ ضرب لبِناً، أَوْ حفر بئراً، قُضي له، لأن التمكن من الاستعمال دليل اليد في ظاهر الأحوال. قيدنا بأَنه لم يبرهن واحد منهما، لأنهما لو برهنا قُضي بها لهما، ولو برهن أَحدهما قُضي له، لأن اليدَ حق مقصودٌ فلا يثبت عند القاضي بمجرد الدعوى، بل لا بُدَّ من البينة أَوْ الاستعمال، لأن التمكن منه دليل اليد.
(واللابسُ) بالرفع عطف على المستعمل (لا آخذ الكُم، والراكب لا آخذ اللجام، ومن في السَّرْج لا رديفُه، وذوُ الحِمل لا مَنْ علق) عليه (كُوْزه) فلو تنازعا في قميصٍ، وأَحدُهُما لابِسُه والآخر متعلق بكُمه، أَوْ في دابة وأَحدهما راكبها والآخر متعلق بلجامها، أَوْ أَحدهما راكبٌ في سَرْجها والآخر رديفٌ له، أَوْ في بعير وأَحدهما له حِمل عليه والآخر علق عليه كوزه: كان القميصُ لِلابِس، والدابة للراكب.
(ومَنْ اتصل الحائط ببنائه) عطف على المستعمل (اتصالَ تربيع) لا اتصال ملازقة، بأَن يتداخل لَبِنُ البناءِ المُتَنَازَع فيه في لَبِنِ جِدَارِه، ولَبِنُ جدارِه في لَبِنِ البناءِ المتنازع فيه (أَوْ وضع) عطف على ما اتصل (عليه) أَي على الحائط (الجذع) لأن اتصال التربيع لا يكون إِلا عند البناء، فدل على أَنّ بانيها واحد، وصاحب الجذع