للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَائِمًا في كُلِّ حَدٍّ بِلا مَدٍّ. وَلِلْعَبْدِ نِصْفُهَا.

وَلا يَحُدُّ سَيِّدٌ بِلا إِذْنِ الإمَامِ،

===

عبد الله صبيغ، فأَخذ عمر عُرْجوناً من تلك العراجين فضربه على رأَسه، وقال: أَنا عبد الله عمر، وجعل يضربه حتى أَدمى رأَسه. فقال: يا أَمير المؤمنين حسبك، قد ذهب الذي كنت أَجد في رأَسي. وفي «الذَّخِيْرة» عن أَبي يوسف: لا يضرب البطن ولا الصدر، لأنه مُهْلِكٌ، واختاره بعض المشايخ.

(قَائِمَاً في كُلِّ حَدَ) لأن مبنى الحدود على الشهرة لقوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ المَؤمْنِيْنَ} (١) والقيام أَبلغ فيها (بِلَا مَدَ) أَي من غير أَنْ يُلْقى على الأرض ويمدّ رجلاه. وقيل: معناه من غير أَنْ يمدّ الضارب يده فوق رأَسه. وقيل: من غير أَنْ يمدّ السوط على العضو عند الضرب ويجره. وبلا ربطٍ أَيضاً ولا مسك (٢) إِلا أَنْ يعجزه، لأن ذلك كلّه زيادة على المستَحَقّ عليه وهو الجلد.

(وَلِلْعَبدِ) والأولى وللمملوك (نِصْفُهَا) أَي نصف المئة جلدة لقوله تعالى: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المُحْصَنَاتِ مِنَ العَذَابِ} (٣) والمراد به الجلد، لأن الرجم لا يتنصَّفُ، أَوْ لعدم الإحصان لفقد شَرْطِه وهو الحرية. فإِذا ثبت النصف في الإماء للرِّق ثبت في العبيد دلالةً، إِذْ النص الوارد في أَحد المثلين (٤) واردٌ في الآخر.

(وَلَا يَحُدُّ سَيِّدٌ) عبده وأَمَته (بِلَا إِذْنِ الإمَامِ) وقال مالك والشّافعيّ وأَحمد: له أَنْ يَحُد، لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أَبي هُرَيْرَة قال: سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأمة إِذا زنت ولم تحصن. قال: «(إِذا زنت) (٥) فاجلدوها، ثم إِنْ زنت فاجلدوها، ثم إِنْ زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير». قال ابن شِهَاب: لا أَدري أَبعد الثالثة أَوْ الرابعة؟ والضفير: الحَبْل. وفي رواية: «إِذا زنت أَمة أَحدكم فتبيّن زناها فليجلدها ولا يُثرِّب عليها، ثم إِذا زنت فتبيّن زناها فليجلدها ولا يُثرِّب عليها، ثم إِذا زنت الثالثة فتبيّن زناها فليبعها ولو بضفير». أَي ولو بحَبْلٍ من شعرٍ، كما في روايةِ. ومعنى لا


(١) سورة النور، الآية: (٢).
(٢) في المطبوع: مس، والمثبت من المخطوط.
(٣) سورة النساء، الآية: (٢٥).
(٤) عبارة المخطوط: الوارد في إِحدى المسأَلتين، والمثبت عبارة المطبوع.
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط، وإثباته الصواب لموافقته لما في صحيح مسلم ٣/ ١٣٢٠، كتاب الحدود (٢٩)، باب رجم اليهود، أَهل الذمة، في الزنى (٦)، رقم (٣٢ - ١٧٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>