للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُرْجَمُ المَرِيْضُ وَلا يُجْلَدُ إِلَّا بَعْدَ البُرْءِ. وَتُرْجَمُ الحَامِلُ بَعْدَ الوَضْع،

===

الشراب إِلى خَيْبَر، فلحِق بهرقل فتنصَّر. فقال عمر: لا أُغرِّب بَعْدَه مسلماً. وروى أَيضاً عن أَبي حنيفة، عن حمَّاد بن أَبي سليمان، عن إِبراهيم النَّخَعِيّ قال: قال ابن مسعود في البكر يزني بالبكر: يُجلدان (١) مئةً ويُنفيان سنةً، قال: وقال عليٌّ: حَسْبُهُما من الفتنة أَنْ يُنفيا. ورواه أَيضاً بهذا السند محمد بن الحسن في «الآثار»، فأَخذنا بقول عليّ كرَّم الله وجهه، لأنه أَقرب إِلى رفع الفتنة ورفع الفساد، والله رؤوفٌ بالعباد.

(وَيُرْجَمُ المَرِيْضُ) لأن الرجم متلِفٌ فلا يتأَخّر بسبب المرض (وَلَا يُجْلَدُ إِلاَّ بَعْدَ البُرْءِ) لئلا يفضي به الجلد إِلى التَلَف، وهو إِنما شُرِعَ زاجراً لا متلفاً. ولذا لا يُقَام حدّ الجلد في شدّة الحرّ، ولا في شدّة البرد. ولو كان مَنْ وجب عليه الحدّ ضعيفاً لا يُرْجى برؤه، وخيف عليه هلاكه يجلد جلداً خفيفاً بِقَدْر ما يحمله.

(وَتُرْجَمُ الحَامِلُ بَعْدَ الوَضْع) لأن جنينها لا يستحقّ الرجم لعدم الجناية منه، وتُحْبَس حتّى تلد إِنْ ثبت زناها بالشهادة، ولا تحبس إِنْ ثبت بالإقرار. وعن أَبي حنيفة رحمه الله: أَنْ الرجم يؤخّر إِلى أَنْ يستغني ولدها عنها إِذا لم يكن له أَحدٌ يُرَبِّيه. روى مسلم عن بُرَيْدَة قال: جاءت الغامدية فقالت: يا رسول الله إِني قد زنيت فطهرِّني، وإِنه ردّها، فلمّا كان الغد قالت: يا رسول الله (لِمَ تَرُدُّني؟) (٢) لعلك تريد أَنْ تَرُدَّني كما رَدَدتَ ماعزاً، فوالله إِني لحُبْلَى. قال: «إِمّا لا (٣) ، فاذهبي حتّى تلدي». فلمّا ولدت أَتته (بالصبيّ في خِرْقة. قالت: هذا قد ولدته.

قال: «اذهبي فأَرضعيه حتى تَفْطِمِيه». فلما فَطَمَتْه أَتته) بالصبيّ في يده كِسْرَة خبزٍ فقالت: هذا يا رسول الله قد فطمته، وقد أَكل الطعام. فَدَفَع الصبيّ إِلى رجلٍ من المسلمين، ثمّ أَمر بها فحُفِرَ لها إِلى صدرها، وأَمر الناس فرجموها.

ورواه أَيضاً عن عَلْقَمَة بن مَرْثَد، عن سليمان بن بُرَيْدَة، عن أَبيه إِلى أَنْ قال: فقال لها: «اذهبي حتى تضعي ما في بطنك». فكفلها رجلٌ من الأنصار حتى


(١) في المطبوع: يحدان، والمثبت من المخطوط، والصواب إثباته لموافقته لما في صحيح مسلم ٣/ ١٣٢٣، كتاب الحدود (٢٩)، باب من اعترف على نفسه بالزنا (٥)، رقم (٢٣ - ١٦٩٥).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط، والصواب إثباته لموافقته، ما في صحيح مسلم (الموضع السابق).
(٣) في المخطوط: أَما الآن، والمثبت من المطبوع وهو الصواب. وإِما لا: كلمة ترد في المحاورات كثيرًا، وأَصلها: إن وما ولا، فأَدغمت النون في الميم، وما زائدة في اللفظ لا حكم لها، ومعناها: إِن لم تفعل هذا فليكن هذا. النهاية ١/ ٧٢. فيصبح المعنى: إذا أبيتِ أَن تستري على نفسك وتتوبي وترجعي عن قولك فاذهبي حتى تلدي، فترجمين بعد ذلك ..

<<  <  ج: ص:  >  >>