للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتُجْلَدُ بَعْدَ النِّفَاسِ.

وَيُدْرَأُ الحَدُّ بِالشُّبهَةِ في الفِعْلِ، أَي: ظَنِّ غَير الدَّلِيلِ دَلِيلًا، كَأَمَةِ أَبَوَيْهِ وزَوْجَتِهِ، فَلا يُحَدُّ إِنْ ظَنَّ أَنّهَا تَحِلُّ.

===

وضعت، ثم أَتى النبي صلى الله تعالى عليه وسلّم فقال: قد وضعت الغَامِدِيَّة. قال: «إِذاً لا نرجمها وندع ولدها صغيراً ليس له مَنْ يرضعه». فقام رجلٌ من الأنصار فقال: إِليَّ رَضاعُهُ يا رسول الله. قال: فرجمها. وهذا يقتضي أَنه رجمها حين وضعت، والأوّل يقتضي أَنه تركها حتى فطمت ولدها، ويتقوّى الثاني بما أَخرجه مسلم من رواية عِمْرَان ابن حُصَيْن، وفيه أَنه عليه الصلاة والسلام رجمها بعد أَنْ وضعته. وقال بعضهم: يحتمل أَنْ تكونا امرأَتين إِحداهما وُجِدَ لولدها كفيلٌ، والأخرى لم يوجد له كفيل، فوجب إِمهالها حتّى يستغني ولدها.

(وَتُجْلَدُ) الحامل (بَعْدَ النِّفَاسِ) لأنه نوع مرضٍ، فَيُنْتَظَرُ البُرْء منه بخلاف الرجم، لأن التأْخير فيه لأجل الولد وقد انفصل.

(وَيُدْرَأُ الحَدُّ بِالشُّبْهَةِ في الفِعْلِ أَي: ظَنِّ غَيْرِ الدَّلِيْلِ دَلِيْلاً) وتسمَّى شبهة اشتباه، أَي شبهة في حقّ من حصل له اشتباه، وإِنما يدرأ الحدّ بالشبهة لِمَا قدَّمناه مرفوعاً (١) ولما روى ابن أَبي شَيْبَة في «مصنفه» عن عمر بن الخطاب أَنه قال: لأن أَعطِّل الحدود بالشبهات أَحبُّ إِليّ من أَنْ أَقيمها بالشبهات. وروى أَيضاً عن مُعَاذ وعبد الله بن مسعود وعُقْبَة بن عامر أَنهم قالوا: إِذا اشتبه عليك الحد فادرأه.

(كَأَمَةِ أَبَوَيْهِ) وإِن عَلَياَ (و) أَمة (زَوْجَتِهِ)، لأن اتصال الأملاك بين الأصول والفروع مظنةُ اعتقاد أَنْ للفرع وطاء أَمة الأصل، ولأن الزوج يعدُّ غنياً بمال زوجته، قال الله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى} (٢) أَي بمال خديجة، فأَورث ذلك شبهة كون مال الزوجة مالاً للزوج.

وتكون شبهة الفعل في مطلقته ثلاثاً، وهي في العدة (بائنٍ بالطلاق على مالٍ وهي في العدّة) (٣) ، وفي أَمّ ولدٍ أَعتقها مولاها وهي في العدة، وفي جارية المولى في حق عبده، وفي الجارية المرهونة في حق المرتَهِن. وبه قال الشافعيّ رحمه الله في قولٍ، وقال في قولٍ: لا يسقط الحدُّ عن المرتَهِن، وبه قال أَحمد.

(فَلَا يُحَدُّ) الوَاطِاء في هذه الصور (إِنْ ظَنَّ أَنّهَا) أَي الموطؤة (تَحِلُّ) قيّد به،


(١) انظر ص ١٩٥.
(٢) سورة الضحى، الآية: (٨).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>