على أَحد من المسلمين في أَرض الحرب حتى يخرجوا إِلى أَرض المصالحة. وروى الأخير ابن أَبي شَيْبَة في «مصنفه» قال: حدثنا ابن المبارك، عن أَبي بكر بن أَبي مريم، عن حكيم بن عُمَيْر به، وزاد: لئلا تحمله حميّة الشيطان أَنْ يلحق بالكفار. وفيه أَيضاً: حدّثنا ابن المبارك، عن أَبي بكر بن عبد الله بن أَبي مريم، عن حُمَيد بن عُقْبة بن رومان: أَنْ أَبا الدَّرْدَاء: نهى أَنْ يُقَام على أَحدٍ حدٌّ في أَرض العدو.
وفي «سنن أَبي داود» و «الترمذي» و «النَّسائي» عن بُسْر بن أَرْطَاة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تُقْطَع الأيدي في السفر». ولفظ الترمذي:«في الغزو». وقال: هذا حديثٌ غريبٌ، والعمل عليه عند بعض أَهل العلم، منهم الأوْزاعي يَرَوْن أَنْ لا يُقَام الحدُّ في الغزو بحضرة العدوِّ مخافة أَنْ يلحق من يُقَام عليه الحدُّ بالعدو، (فإِذا رجع الإمام إِلى دار الإسلام أَقام عليه الحدّ، ونفينا الحد عن)(١) مُكَلَّفَةٍ، زنا بها غيرُ مكلف، فلا تُحد عندنا. وأُثبته زفر كمالك والشافعي، وهو رواية عن أَبي يوسف رحمهم الله. وحُدَّ لو كان الأمر بالعكس، بأَن زنا مكلف بغير مكلفة، وهذا بإِجماع الأمة.
وواطاء محرَّمةٍ بعد العقد عليها والعلم بالحرمة يُعزَّر عند أَبي حنيفة رحمه الله، وحكما بالحد كمالك والشافعي. وقال صاحب «الأسرار»: كلامهما أَوضح، أَي فهو واضح. وواطاء مُسْتَأْجَرَتِهِ للزنا بها، يُعزَّر عند أَبي حنيفة، وحكما بالحدِّ كمالك والشافعي.
واللائط يُعزَّر عند أَبي حنيفة رحمه الله، ويُسجن حتى يموت أَوْ يتوب، فصار كما لو أَتى امرأَته في الموضع المكروه منها، أَوْ أَتى عبده أَوْ بهيمةً أَوْ أَجنبيةً في غير السبيلين منها، وحكما بالحد كمالك والشافعي رحمهم الله، لما في «مُعجم الطبراني»، عن جابر قال: سمعت سالم بن عبد الله، وأَبان بن عثمان، وزيد بن حسن يذكرون أَنْ عثمان أُتي برجلٍ قد فَجَرَ بغلامٍ من قريش معروف النسب، فقال عثمان: وَيْحَكُم، أَين الشهود، أَحصنَ؟ قالوا: تزوج امرأَة ولم يدخل بها بعد، فقال عليٌ لعثمان: لو دخل بها لحَلَّ عليه الرَّجْمُ، فأَما إِذا لم يدخل بها فأَجْلِدُه الحدَّ.
قال أَبو أَيوب: أَشهد أَني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الذي ذكر أَبو الحسن، فأَمر به عثمان فجلد مئة، وما أَخرجه البيهقي عن عطاء بن أَبي رباح قال: أُتي ابن الزبير بسبعة في لواطة: أَربعة منهم قد أُحصنوا، وثلاثة لم يُحْصَنُوا، فأَمر بالأربعة فرُضخوا بالحجارة، وأَمر بالثلاث فضربوا الحدّ، وابن عباس وابن عمر في المسجد.