للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبولِ فرسِ وما أُكِلَ، وخُرءِ طيرٍ لا يُؤكل. وأمَّا خُرءُ طيرٍ يوْكَلُ فطاهِرٌ

===

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تستنجوا بالرَّوثِ ولا بالعظام، فإنَّهُ زادُ إخوانِكم مِنْ الجِنّ».

(كبول فرسٍ وما أُكِلَ) أي لحمُه. وهذا مثالٌ للنَّجِس الخفيف عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: بولُ الفرس وما أُكِلَ لحمُه طاهر.

وقال مالك وأحمد: بولُ ما أُكِلَ وَرَوْثُه طاهرٌ، لحديث العُرَنِيِّين من أنه عليه الصلاة والسلام أَمَرَهم بشُربِ أبوالِ الإِبل وألبانِها، وهو حديثٌ متفق عليه. ولِما رواه البَرَاءُ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا بأسَ ببولِ ما يُؤكلُ لحمُه». وفي روايةِ جابر: «ما أُكِلَ لحمُه فلا بأسَ ببوله». رواهما أحمد والدارقطني. ولحمُ الفرسِ مأكولٌ عند محمد.

ولأبي حنيفة وأبي يوسف قولُه عليه الصلاة والسلام: «استنزِهوا من البولِ فإنَّ عامَّةَ عذابِ القبرِ منه». أخرجه الحاكم عن أبي هريرة وقال: على شرطهما، ورواه الدارقطني عن أنس.

فيجوز عندهم شربُ بولِ ما يُؤكل لحمُه للتداوي وغيره، ويجوز عند أبي يوسف للتداوي.

ولا يجوز عند أبي حنيفة مطلقاً. وأُجيبَ عن إطلاقِ شُربه عليه الصلاة والسلام للعُرَنِيِّين بأنه إمَّا منسوخ، أو اطلَّعَ عليه الصلاة والسلام بالوحي أو المنام على أنَّ شفاءَهم فيه.

(وخُرءِ طيرٍ) بفتح الخاءِ وضَمِّها وسكون الراء (لا يُؤكل) أي لحمُه. وهذا أيضاً مثالٌ للنَّجِس الخفيف عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وعند محمد مغلَّظ. وقيل: طاهر، وصحَّحه السَّرَخْسِيّ. فوَجْهُ الطهارةِ عدَمُ الأمرِ بتنحيةِ الطيور عن المساجد، وذلك دليلٌ على طهارةِ خُرئِها، ووَجْهُ التغليظِ أنه لا تكثر إصابتُه للثياب، وقد تغيَّر بطبع الحيوان فصار كخرء الدجاجةِ والبَطِّ. ووَجْهُ التخفيفِ عمومُ البلْوَى به والضرورةُ.

(وأمَّا خرءُ طيرٍ يُؤكلُ) أي لحمُه (فطاهِرٌ)، وبه قال مالك، لأنَّ في التوقي عنه حرجاً.

ونجَّسَه الشافعي لإِحالةِ الطبع إيَّاه إلى نَتْنٍ وفساد.


= والترمذي ١/ ٢٩، كتاب الطهارة (١)، باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به (١٤)، رقم (١٨)، عن ابن مسعود، وليس عن أبي سعيد الخُدْري.

<<  <  ج: ص:  >  >>