للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَشُرِطَ خُصُوْمَةُ المَالِكِ، أَوْ ذِي يَدٍ حَافِظٍ كَالمُوْدَعِ وَنَحْوِهِ.

وَمَا قُطِعَ بِهِ، إِنْ بَقِيَ رُدَّ، وإِلّا لا يَضْمَنُ

===

(وَشُرِطَ) في قطع السارق (خُصُوْمَةُ المَالِكِ) وطلبه القطع، وبه قال الشافعي وأَحمد. وقال مالك وأَبو ثور وابن المنذر وابن أَبي لَيْلَى وأَبو بكر الحَنْبَلِي: لا يُشْتَرَط، لأن القطع حقّ الله كحد الزِّنا. ولنا أَنْ مع عدم الخصومة والمطالبة تتمكّن شبهةُ أَنْ مالكه أَباحَه، أَوْ وقفه على المسلمين، وشبهة إِذن الدُّخول في الحِرْز، فاعْتُبِرَت المخاصمة والمطالبة دفعاً لذلك. أَمّا الزنا فلا يباح بالإباحة، فلا تتمكّن فيه هذه الشبهة. وعلى هذا الخلاف لو غاب المالك عند القطع، فعندنا وعند الشافعيّ وأَحمد: لا يقطع، وعند مالك ومن ذُكِرَ معه: يقطع. (أَوْ) خصومة (ذِي يَدٍ حَافِظٍ كَالمُوْدَعِ وَنَحْوِهِ) وهو المستعير والمستأْجر والمضارب والمُرْتَهِن والأب والوصيّ ومتولي الوقف، فإِن السارق يقطع بخصومة هؤلاء عند علمائنا الثلاثة. وقال الشافعيّ: لا حقّ في الخصومة لغير المالك والوكيل والمودِع والمُرْتَهِن.

(وَمَا قُطِعَ) السارق (بِهِ، إِنْ بَقِيَ) ولو في يد من باعه السارق أَوْ وهبه (١) له (رُدَّ) إِلى المالك إِجماعاً، ويبطل البيع أَوْ الهبة إِنْ كان، لأنه بالسرقة لم يزل عن ملكه، ومن وجد عين ماله (فهو) (٢) أَحقّ به (وإِلاّ) أَي وإِن لم يبق ما قُطِعَ السارق به سواء هلك أَوْ اسْتُهْلِكَ (لا يَضْمَنُ) وقال الشافعي وأَحمد وأَبو ثور والنَّخَعِيّ وحمّاد والحسن وإِسحاق والليث (٣) : يضمن في الحالتين، فيجب على السارق ردّ قيمة المسروق إِنْ كان قيميّاً، وردّ مثله إِنْ كان مثلياً لعموم قوله تعالى: {فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (٤) ولقوله عليه الصلاة والسلام: «على اليد ما أَخذت حتى تَرُدَّ» (٥) .

وقال علماؤنا والثوريّ: لا يجتمع الضمان مع القطع، بل إِنْ ضمنه المالك قبل القطع سقط القطع، وإِن قطعه سقط الضمان، وبه قال عطاء وابن سيرين وابن شُبْرُمة والشعبيّ ومكحول. وقال مالك: إِنْ كان السارق مُعْسِرَاً لا ضمان عليه، وإِن كان مُوْسِرَاً يضمن نظراً للجانبين.

ولنا ما روى النَّسائي ولكن بإِسنادٍ فيه مجهول عن عبد الرحمن بن عَوْف: أَنْ


(١) في المطبوع: أَو رهنه، والمثبت من المخطوط.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٣) حرفت في المطبوع إلى "البشر" والمثبت من المخطوط.
(٤) سورة البقرة، الآية: (١٩٤).
(٥) أخرجه ابن ماجه في سننه ٢/ ٨٠٢، كتاب الصدقات (١٥)، باب العارية (٥)، رقم (٢٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>