للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أرى أن تَنْصِبَ عليهم المَنْجَنِيق، فإنا كنّا بأرض فارس ننصب المجانيق على الحصون، فنُصيب من عدونا، فإن لم يكن منجنيق لطال المقام، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فعمل منجنيقاً بيده، فنصبه على (حصن) (١) الطائف. والمَنْجَنِيق: بفتح الميم وتُكسر ـ آلة يُرمى بها الحجارة، معرَّبة، وقد تُذكَّر. فارسيتها: مَنْ: جه نيك، أي ما أجودني.

وروى الجماعة إلاّ البخاري عن سليمان بن بُرَيْدَةَ عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمَّر أميراً على جيش أو سريّةٍ أوصَاه في خاصَّته بتقوى الله وبمن تبعه من المسلمين خيراً ثم قال: «اغزُوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزُوا ولا تَغُلُّوا (٢) ، ولا تَغدِرُوا، ولا تُمَثِّلوا (٣) ، ولا تقتلوا وليداً، وإذا لقيتَ عدوك من المشركين فادْعُهم إلى ثلاث خصالٍ ـ أو خلالٍ ـ فَأَيَّتُهن أجابوك فاقبل منهم وكُفَّ عنهم: ادْعُهم إلى الإِسلام، فإن أجابوك فاقبلْ منهم وكُفّ عنهم، ثم ادعُهمْ إلى التَّحَوُّلِ من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنَّهم إن فعلوا ذلك، فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما عليهم.

فإن أبَوا أنْ يَتَحَوَّلُوا منها، فأَخْبِرْهُم أنَّهم يَكُونونَ كأعراب المسلمين، يَجْرِي عليهم حُكمُ اللَّهِ الذِي يَجري على المؤمنين، ولا يكونُ لهم في الغنيمة والفَيْءِ شيءٌ إلا أن يُجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أَبَوْا فَسَلْهُمُ الجزية، فإن هم أجَابُوك فاقبلْ منهم وكُفّ عنهم، فإن هم أبَوا فاسْتَعِنْ بالله وقاتِلهم، وإذا حاصَرْتَ أهل حصن فَأَرادوكَ أنْ تجعلَ لهم ذمة اللَّهِ وذمة نبيهِ، فلا تجعلْ لهم ذمةَ اللَّهِ وذِمةَ نبيه، ولكن اجعلْ لهم ذمَّتَكَ وذِمَّةَ أصحابك، فإنكم إن تُخْفِرُوا (٤) ذمتكم وذمة أصحابكُمْ أهونُ من أن تُخْفِرُوا ذمة الله وذِمةَ رسوله، وإذا حاصرتَ أهلَ حِصنٍ فأرادوكَ أنْ تُنزِلَهُمْ على حكم الله، فلا تُنزِلهُم على حكم الله، ولكن أنْزِلهُمْ على حُكْمِكَ، فإنك لا تَدرِي أتُصيبُ حُكْمَ اللَّه فيهم أم لا. (ثم اقضوا فيهم بعد ما شئتم») (٥) .


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) الغُلُول: هو الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة قبل القسمة. النهاية ٣/ ٣٨٠.
(٣) مَثَّلْتُ بالقتيل: جدعت أَنفه، أَو أَذنه، أَو مذاكيره، أَو شيئًا من أَطرافه. النهاية ٤/ ٢٩٤.
(٤) أَخفرت الرجل: نقضت عهده وذِمَامه. النهاية، ٢/ ٥٢.
(٥) ما بين الحاصرتين زيادة لم ترد إِلّا عند أَبى داود ٣/ ٨٣ - ٨٥، كتاب الجهاد (١٥)، باب في دعاء المشركين (٨٢)، رقم (١٦١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>