للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَطَعَ شَجَرَهُمْ وَزَرْعَهُمْ، بِلا غَدْرٍ وَغُلُولٍ، وَمُثْلةٍ،

===

فقتل مقاتِلَتَهم، وسبى ذَرَاريهم (١) ، وأصاب يومئذٍ جُوَيْرِيَةَ بنت الحارث.

(وَقَطَعَ شَجَرَهُمْ وَزَرْعَهُمْ) أي يقاتلهم بما يُهلكهم وبقطعهما. وعن الشافعي في قول، وأحمد في روايةٍ: أنه لا يَفعل بهم ذلك إلاّ إذا كانوا يفعلونه بنا. ولنا ما روى أصحاب الكتب الستة عن اللَّيْث بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ نَخَل بني النَّضِير وحرَّق، وهي البُوَيْرة بالتصغير، وفيها نزلت: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِيْنةٍ (٢) أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} (٣) … الآية. وفيها يقول حسّان بن ثابت شعراً:

*وَهَانَ على سُراة بني لُؤَيّ ** حريق بالبُوَيْرة مستطير

وفي «المحيط»: ينبغي للإمام إذا تيقّن بالفتح بدون التغريق والتحريق أن لا يفعل (بِلَا غَدْرٍ) أي يُقاتلهم بلا خِيانَة ونقضِ عهدٍ. وفي «المحيط»: وهذا بعد الظَّفَر وإعطاء الأمان، وأمّا قبلهما فلا بأس به، يعني لقوله عليه الصلاة والسلام: «الحرب خَدْعة» (٤) .

وأما قول صاحب «الهداية»: ولا بدّ من النَّبْذ تحرزاً عن الغدر، لقوله عليه الصلاة والسلام: «في العهود وفاء لا غدر». فَرَفْعُهُ غير معروفٍ، وأنّه من كلام عمرو بن عَبَسَة، كما رواه سُليم بن عامر قال: كان بين معاوية والروم عهد، وكان يسير في بلادهم حتّى انقضى العهد، فأغار عليهم، فإذا رجلٌ على دابة أو فَرَسٍ وهو يقول: الله أكبر وفاء لا غدر، وإذا هو عمرو بن عَبَسَة، فسأله معاوية عن ذلك، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ كان بَيْنه وبين قومٍ عهدٌ فلا يَحُلَّنَّ عهداً، ولا يَشُدَّنَّه حتى يَمْضي أمَدُه أو ينبذَ إليهم على سَوَاء»؟ قال: فرجع معاوية بالناس. رواه أبو داود والنَّسائي، والترمذي وهذا لفظه، وقال: حسنٌ صحيحٌ.

(وَ) بلا (غُلُولٍ) وهو: السرقة من المَغْنَم (وَ) بلا (مُثْلةٍ) بالضم، وهي كقطع عضوٍ وتسويد وجه، وقد سبق النهي في حديث بُرَيْدَة عن هذه الأشياء (٥) . فإن قيل:


(١) الذراريّ: النساء والصغار. المعجم الوسيط ص ٣١٠، مادة (ذرّ).
(٢) اللِّينة: كلُّ نوع من أَنواع النَّخْل سوى العجوة. المعجم الوسيط ص ٨٥٠، مادة (لان).
(٣) سورة الحشر، الآية: (٥).
(٤) أَخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري) ٦/ ١٥٨، كتاب الجهاد (٥٦)، باب الحرب خدعة (١٥٧)، رقم (٣٠٣٠).
(٥) مرّ الحديث ص ٢٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>