للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الحَرْبِ، أو ذَا مَالٍ يَحُثُّ بِهِ، وَأبٍ كَافِرٍ، وَإِخْرَاجِ مُصْحَفٍ وَامْرَأَةٍ إلا في جَيشٍ يُؤْمَنُ.

===

في الحَرْبِ، أو ذَا مَالٍ يَحُثُّ بِهِ) على القتالِ لتعدي ضررهم، إلاّ أنّ الصبيّ والمجنون يقتلان، ما داما يقاتلان. وغيرهما لا بأس بقتله بعد الأسر، لأنه من أهل العقوبة. وروى الجماعة إلاّ ابن ماجه عن نافع، عن ابن عمر: أن امرأةً وُجِدَت في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتولةً. فنهى النبيّ صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان.

وفي لفظ للشيخين: فأنكر قتل النساء والصبيان. وروى أبو داود عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «انطلقوا باسم الله وعلى ملة رسول الله، لا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلاً، ولا صغيراً، ولا امرأةً، ولا تَغُلُّوا، وضُمُّوا غنائمكم، وأصلحوا، وأحسنوا إنّ الله يحب المحسنين». وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل دُرَيد (١) بن الصِّمَّة يوم حُنَيْن. وكانوا أحضروه ليدبّر أمرهم، وكان ابن مئة وعشرين سنة. وقيل: كان ابن مئة وستين. وقيل: كان أعمى أيضاً.

(وَ) بلا قتل (أبٍ كَافِرٍ) أي ابتداءً لقوله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} (٢) وليس من المعروف فيهما أن يقتلهما. قيّد بالبَدْأ لأن الابن له قتل أبيه الكافر (إذا قصد قتله بحيث) (٣) لا يمكنه دفعه إلاّ بالقتل، لأن مقصود الابن حينئذٍ الدفع. ألا ترى أن الأب المسلم لو شهر سيفه على ابنه بحيث لا يمكن للابن دفعه إلاّ بقتله؟ له أن يقتله فالكافر أولى. ولو كان الأب والابن في سفَرٍ وعطشا، ومع الابن ماء يكفي ولأَحدهما، للابن أن يشربه وإن كان الأب يموت عطشاً، فكذا ههنا وحكم الأم والجدّ والجدّة كالأب.

ولو كان الكافر أخاً للمسلم المجاهد كان له أن يقتله ابتداءً بخلاف الباغي إذا كان أخاً للطائع حيث لا يجوز للطائع قتله باتفاقٍ. وعند الشّافعي: يكره له أن يقتل ذا رحمٍ مَحْرَمٍ، وفي ذي رحمٍ غير مَحْرَمٍ وجهان: أحدهما يكره، والآخر لا يكره. ومذهب مالك وأحمد كمذهبنا. ولا يكره للأب قتل ابنه الكافر ابتداءً، وعند الشافعي يكره.

(وَ) بلا (إِخْرَاجِ مُصْحَفٍ وَامْرَأَةٍ إلا في جَيْشٍ يُؤْمَنُ) فيه عليهما، لأن الغالب


(١) حُرِّفت في المطبوع إلى: زيد. والمثبت من المخطوط وهو الصواب لما في "تهذيب الأسماء واللغات" ١/ ١٨٥.
(٢) سورة لقمان، الآية: (١٥).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>