للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا عَلَى وَثَنِيٍّ عَرَبِيٍّ، فَإِنْ ظُهِرَ عَلَيْهِ، فَطِفْلُهُ وَعِرْسُهُ فيءٌ، وَلا مُرْتَدٍّ، فَلا يُقْبَلُ مِنْهُمَا إلا الإسْلامُ أوْ السَّيْف،

===

رواه محمد بن الحسن في «الموطّأ»، وابن أبي شَيْبَة في «مصنفه» عن مالك، عن الزُّهْرِيّ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس البَحْرَيْن، وأن عمر أخذها من مجوس فارس وأن عثمان أخذها من مجوس البربر.

وما رواه البزّار في «مسنده»، والدَّارَقُطْنِيّ في «غرائب مالك» من حديث أبي علي الحنفي: حدّثنا مالك بن أنس، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس فقال: لا أدري كيف أصنع في أمرهم؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: أشهد (أني) (١) سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «سُنُّوا بهم سنَّة أهل الكتاب». وفي البخاري، ولم يكن عمر أخذ الجزية حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هَجَر. وكذا رواه أحمد وجماعة. وعن المُغِيرَة بن شُعْبَة أنه قال لعامل كسرى: أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نقاتلكم حتّى تعبدوا الله وحده، أو تؤدّوا الجزية. رواه أحمد والبخاري، وكانوا عبدة الأوثان.

(لا) أي لا توضع الجزية (عَلَى وَثَنِيَ عَرَبِيَ فَإِنْ ظُهِرَ عَلَيْهِ) بصيغة المجهول أي على الوثنيّ العربيّ (فَطِفْلُهُ وَعِرْسُهُ) أي زوجته (فيء) لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم سبى ذراري (٢) أوْطَاس وَهَوَازِن ونسائهم وقسمها بين الغانمين (وَلَا) توضع أيضاً على (مُرْتَدَ) سواء كان من العرب أو العجم، فإن ظُهِرَ عليه فطفله ونساؤه فيءٌ، لأن أبا بكر سبى نساء بني حنيفة وذراريهم لمّا ارتدُّوا وقسمهم، فوقع في سهم عليَ الحنفيةُ فأوْلدها ابنه محمد ابن الحنيفة. ثم كُفْر المرتدّ أغلظ من كفر مشركي العرب، ولذا كان ذراري المرتدّين ونساؤهم يجبرون على الإسلام، بخلاف ذراري عبدة الأوثان من العرب ونسائهم. (فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا) أي من الوثنيّ العربيّ ومن المرتدّ (إلاّ الإسْلامُ أوْ السَّيْف) زيادةً في العقوبة عليهما، لأن كفرهما أغلظ من كفر غيرهما.

أما المشرك العربيّ، فلأن النّبيّ صلى الله عليه وسلم نشأ بين أظهرهم والقرآن نزل بلغتهم، فالمعجزات أظهر في حقّهم. وأمّا المرتدّ، فلأنه كفر بعدما هُدِيَ إلى الإسلام ووقف على محاسنه من الأحكام. وقال مالك والشّافعيّ وأحمد: يجوز استرقاق وثنيّ العرب، لأن استرقاقه إتلافٌ له حكماً، فيجوز كإتلافه حقيقةً، ولنا: قوله تعالى في حقّ عبدة الأوثان من العرب: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} (٣) . ولا توضع أيضاً على زِنديقٍ، بل إن


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) سبق شرحها ص ٢٦٤، التعليقة رقم: (١).
(٣) سورة الفتح، الآية: (١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>