للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَحَّ تَصَرُّفُهَا، وكَسْبَاهَا لِوَرَثَتِهَا.

===

وروى ابن عَدِي في «كامله» بسنده إلى أبي هُرَيْرة أنّ امرأةً ارتدّت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقتلها. ولكن ضُعِّفَ من رواية حَفْص بن سُلَيْمَان. وروى ابن أَبي شَيْبَة في «مصنفه» عن عبد الرَّحمن بن سليمان، ووكيع، عن أبي حنيفة، عن عاصم، عن أبي رَزِين، عن ابن عبّاس أنه قال: النساء لا يُقْتَلْنَ إذا هنّ ارْتَدَدْنَ عن الإسلام، ولكن يُحْبَسْنَ ويُدْعَيْنَ إِلى الإسلام ويُجْبَرْنَ عليه. ورواه محمد بن الحسن في «الآثار»، عن أبي حنيفة، ورواه عبد الرَّزَّاق في «مصنفه» في آخر القصاص، عن سفيان الثوريّ، عن عاصم، عن أبي رَزِين به. وأخرج الدَّارَقُطْنيّ عن عليّ أنه قال: المرتدّة تُسْتَتَاب ولا تُقْتَلُ. وفي نسخة: يُسْتَأْنى (١) بها. وأخرج عبد الرَّزَّاق نحوه عن عطاء، والحسن، وإبراهيم النَّخَعِيّ.

وروى عبد الرَّزَّاق عن الثوريّ، عن يحيى بن سعيد: أن عمر بن الخطاب أمر في أمِّ ولدٍ تنصَّرت أن تُبَاع في أرضٍ ذات مُؤْنَةٍ (٢) عليها، ولا تُبَاع في أهل دينها، فبيعت بدُومَةِ الجَنْدَلِ (٣) من غير أهل دينها. (وَصَحَّ تَصَرُّفُهَا) في مالها (وَكَسْبَاهَا) أي كسب الإسلام وكسب الرِّدَّة، وفي بعض النسخ: وكسبها، أي سواء كان في الإسلام أو الرِّدَّة (لِوَرَثَتِهَا) لأن ملكها باقٍ ولا حرابة منها حتى يكون مالها فَيئاً بخلاف المرتدّ، وليس الكلُّ فَيئاً كما قال مالك والشافعيّ، لأنه مات كافراً، والمسلم لا يرث الكافر. ولا يرثها زوجها، لأن الزَّوجية قد انقطعت بالارتداد، وهي لا تُقْتَلُ، فلم يتعلّق حقّه بمالها، إلاّ أن تكون مريضةً فيرثها، لأنها تصير فارّة بالارتداد.

وعن الحسن: أنّ المرتدة تضرب كلّ يومٍ تسعةً وثلاثين (سوطاً) (٤) حتّى تُسْلم أو تموت، وكذا الأمة. وفي «الجامع الصغير»: وتجبر المرأة على الإسلام حرّة كانت أو أمة، وتَخْدُم الأمة مولاها لما فيه من الجمع بين الحقّين، بأَن يُجْعل منزل المَوْلى سجناً لها، ويُفْرَض التأديب إليه.

وفي «الإيضاح»: وقال أبو حنيفة: إذا احتاج المَوْلى إلى خدمتها


(١) استَأنيت بكم: أي انتظرت وتربصت. النهاية ١/ ٧٨.
(٢) المُؤْنَةُ: القوت. المعجم الوسيط ص ٨٥٢، مادة (مأَن).
(٣) دُوْمَة الجَنْدَل: حصنٌ بين مدينة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين الشام، وهو أَقرب إِلى الشام. وهو الفصل بين الشام والعراق. المصباح المنير ص ٢٠٤، مادة (دوم).
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>