للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أبو داود عن عُروة عن عائشة: أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا ذهب أحدُكم لحاجته فلْيَستطِبْ بثلاثةِ أحجار». وفي روايةٍ: «إذا ذهب أحدُكم إلى الغائط فلْيَذهبْ معه بثلاثةِ أحجار، فليَسْتطِبْ بها فإنَّها تُجزاء عنه». رواهما أبو داود والنسائي. وصحَّح الدارقطنيُّ إسنادَه. ولقولِ سلمان: نهانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القِبلةَ بغائط أو بول، أو أن نستنجيَ باليمين، أو أن نستنجي بأقلَّ من ثلاثةِ أحجار، أو أن نستنجي برَجِيعٍ (١) ، أو عَظْم». رواه مسلم.

ولنا ما روى البخاري عن عبد الله بن مسعود قال: أتى النبيُّ صلى الله عليه وسلم الغائطَ ـ أي أراد إتيانَه ـ فأمرَني أن آتيه بثلاثةِ أحجار، فوجدتُ حجرينِ ولم أجد الثالث، فأتيتُه برَوْثةٍ فأخذَ الحجرينِ وألقى الروثةَ وقال: «هذا رِكْسٌ». أي رِجْس. ووجْهُ الدلالةِ أنه لو وجَبَ الثلاثةُ لطلَبَ بعدَ رمي الروثةِ حجراً ثالثاً.

وقال مالك والشافعي وأحمد: الاستنجاءُ واجبٌ لِما في «الصحيحين» عن ابن عباس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بقبرينِ فقال: «إنَّهما لَيُعذَّبان وما يَعذَّبانِ في كبير: أمَّا أحَدُهما فكان لا يَستبراءُ من البول ـ وفي روايةٍ: لا يَستنزِهُ ـ وأمَّا الآخَرُ فكان يَمشي بالنمِيمة، فأَخذَ جريدةً رَطْبةً فشَقَّها نِصفينِ، فغَرَزَ في كلِّ قبرٍ واحدةً»، فقيل: لِمَ فعلتَ هذا يا رسول الله؟ قال: «لعلَّه أن يُخفَّفَ عنهما ما لم تَيْبَسا». ولأنَّ الطهارة بالماءِ من الأنجاس شَرْطُ جوازِ الصلاة فلا بُدَّ منها، إلا أنه اكتُفي بغيرِه في موضعِ الاستنجاء للضرورةِ والإِجماعِ فلا يجوز تركه.

ولنا ما روى أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وابن حِبَّان، والطحاوي عن أبي هريرة ـ وحسَّنه النوويّ ـ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «من استَجمَرَ فليُوتِر، مَنْ فعَلَ فقد أَحسن، ومن لا فلا حَرَج». وقولُه: «من استجمر» أي استَنْجَى. وقد قال مالك: الاستجمارُ الاستطابةُ بالأحجار. وهو في «الصحيحين» بدون هذه الزيادة.

وأجاب البيهقي بأنَّ المراد فليُوتر بعدَ الثلاث، ورُدَّ بأن الأمرَ فيه للاستحبابِ بالاتفاق، لقوله: «مَنْ فعَلَ». وعنده (٢) الزيادةُ على الثلاثِ مع الإنقاءِ بدعةٌ، وبدونه


(١) الرَّجِيع: الرَّوْث. مختار الصحاح ص ٩٩، مادة (رجع). والرَّوْث: جُرْءُ الفرس. مختار الصحاح ص ١١٠، مادة (روث). بتصرف.
(٢) أي عند الإمام مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>