للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَشِبْهُ العَمْدِ: ضَرْبٌ قَصدًا بِغَيرِ مَا ذُكِرَ.

===

بالحقّ لا تُكْسَر ثَنِيّتُها (١) . فقال رسول الله صلّى اللَّه تعالى عليه وسلم: «كتابُ الله القصاص»، فرَضِيَ القوم وعَفَوا، فقال رسول الله صلّ الله تعالى عليه وسلّم: «إن من عباد الله مَنْ لو أقسم على الله لأبرّه». ولو كان يجب الخيار للمَوْلى بين القصاص والأَرْش لخيّرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يُعْلِمها بما تختار من ذلك، لأن الحاكم إذا تقدّم إليه أحدٌ في شيء، يجب له من شيئين، وثَبَتَ عنده، لا يحكم له بأخذ الشيئين، بل يحكم له بأن يختار أحدهما.

وإن صالح القاتل الأولياء كلهم، يجب العِوَض عليه، قليلاً كان ما صالح عليه، أو كثيراً، حالاً كان أو مؤجّلاً، لقوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} (٢) .

قيل: نزلت في الصلح، وهو قول ابن عبّاس، والحسن، والضَّحَّاك، ومجاهد وهو الموافق للام، فإنّ عَفَى إذا اسْتُعْمِلَ باللام كان معناه: البذل، أي فمن أُعطِي من جهة أخيه المقتول شيئاً من المال بطريق الصلح {فاتِّبَاعٌ} أي فلمن أُعْطِيَ ـ وهو وليّ المقتول ـ مطالبَتُهُ بدلَ الصلح على مجاملة، وحسن معاملة، وأكثر المفسرين على أنها في عفو بعض الأولياء، ويدل عليه قوله: {شَيءٌ} فإنه يُرَاد به البعض، وتقديره {فَمَنْ عُفِيَ} عَنْهُ وهو القاتل، {مِنْ أَخِيهِ} في الدين وهو المقتول {شَيْءٌ} من القصاص بأن كان للقتيل أولياء فعفى بعضهم، فقد صار نصيب الباقين مالاً ـ وهو الدِّيَة ـ على حصصهم من الميراث. وهو مروي عن عمر وابن مسعود وابن عباس {فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ} أي فليتّبع غير العافي بطلب حصته، وليؤدِّ القاتل إليه حقّه وافياً من غير نقصٍ (٣) .

(وَ) القتل (شِبْهُ العَمْدِ ضَرْبٌ قَصْداً بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ) في العمد كالعصا، والسوط، والحَجَر، والخشب غير المحدود، وهذا عند أبي حنيفة. وعندهما: ضربٌ قصداً بما لا يقتل غالباً. وفي «المبسوط» سُمِّيَ هذا القتل: شبه العمد ـ (أي خطأ يشبه العمد) (٤) ـ لما فيه من معنى العمد بالنظر إلى قصد الفاعل إلى الضرب، ومعنى الخطأ بالنظر إلى انعدام قصد القتل. فشبه العمد عند أبي حنيفة رحمه الله: أن يتعمَّد القتل (٥) بكل آلةٍ لم توضع للقتل، وعندهما: بكل آلةٍ لا تقتل غالباً. وعند مالك


(١) في المخطوط والمطبوع: سنها، والمثبت هو الصواب.
(٢) سورة البقرة، الآية: (١٧٨).
(٣) في المطبوع: تقصير، والمثبت من المخطوط.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٥) في المخطوط: القاتل، والمثبت من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>