للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والشّافعيّ وأحمد: بكل آلةٍ أو فعلٍ لا يصلح للقتل، فلو ضربه بسوطٍ صغيرٍ ضرباً أو ضربين فمات، فهو شبه العمد عند الكل، ولو ضربه بسوطٍ صغيرٍ ووالى بين الضربات إلى أن مات، فإن كان جملة ما والى بحيث يَقْتُلُ مِثلُه غالباً، فهو عمدٌ محضٌ على قولهما، وبه قال مالك والشافعي. وقال بعض المشايخ: هو شبه العمد على قولهما، كقول أبي حنيفة.

ولو ألقاه من جبلٍ أو سطحٍ، أو غرَّقه في الماء، فشبه عمدٍ عند أبي حنيفة، وعمدٌ عندهما، ولو خَنَقه فمات، فهو شبه عمدٍ، إلا أن يكون معروفاً بذلك النوع من القتل، وعند مالك والشافعي وأحمد: يجب القَوَد. ولو ضربه بحجرٍ عظيمٍ أو خشبةٍ عظيمةٍ، فهو شبه العمد عند أبي حنيفة، وعمدٌ عند غيره لِمَا في الصحيحين من حديث أنس أن رجلاً رضخ (١) رأس امرأةٍ بين حجرين فقتلها، فرضخ رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم رأسه بين الحجرين.

وما رواه البيهقي من طريق مُسَدَّد أن يهودياً رمى رجلاً بحجر فقتله، فأقاده النبي صلى الله عليه وسلم. وما أخرجه أبو داود والنَّسائي وابن ماجه عن ابن جُرَيْج عن عمرو بن دينَار: أنه سمع طَاوُساً يُخْبِر عن ابن عبّاس، عن عمر أنه نشد (٢) قضاء رسول الله صلّى اللَّه تعالى عليه وسلّم في الجنين، فجاء حَمَلُ (بن مالك) بن النَّابِغَة (٣) فقال: كنت بين امرأتين، فَضَرَبَتْ إحداهما الأخرى بِمِسْطَحٍ فقتلتها وجنينها، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بِغُرَّةٍ ـ أي عبدٍ أو أمةٍ ـ وأن تُقْتَل بها. والمِسْطَح عمود الخِبَاء (٤) ، ولأنه قصد إلى الضرب بآلةٍ يُقْتَلُ بمثلها في الغالب، فيتعلّق به القصاص كالمُحَدَّد.

ولأبي حنيفة رحمه الله ـ قوله صلى الله عليه وسلم: «ألا إنّ دِيَة الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مئة من الإبل، منها أربعون في بطونها أولادها». رواه ابن حِبَّان وأصحاب السنن سوى الترمذي. وما أخرجه أبو داود والترمذي والنَّسائي وابن ماجه عن سُلَيمانَ بن كثير، عن عمرو بن دينَار، عن طَاوس، عن ابن عبَّاس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قُتِلَ في عِمِّيَّاً أو رِمِّيَّاً، بحجرٍ أو سوطٍ أو عصاً فهو خطأٌ، وعَقْلُه عقل


(١) الرَّضْخُ: الشَّدْخ، وهو أَيضًا: الدّقُّ والكسر. النهاية ٢/ ٢٢٩.
(٢) في المخطوط: شهد، والمثبت من المطبوع، وهو الصواب، لموافقته لما في سنن ابن ماجه ٢/ ٨٨٢، كتاب الديات (٢١)، باب دية الجنين (١١)، رقم (٢٦٤١).
(٣) حُرِّفت في المخطوط إِلى جمل بن النابغة، والمثبت من المطبوع، وهو الصواب لموفقته لما في سنن أَبي داود ٤/ ٦٩٨ - ٦٩٩، كتاب الديات (٣٨)، باب دية الجنين، (١٩)، رقم (٤٥٧٢).
(٤) في المطبوع: البناء، والمثبت من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>